الجمعة، 22 مايو 2015

دائما يخطّئوني

ما كنت أطيق أخي الذي يصغرني بسنتين. لم أكن أحبه ولم يكن يحبني. كان أسلوبه معي فيه علامات السخرية والتعالي وعدم الاحترام، سريع الغضب حتى على أتفه الأشياء، سيء الطبع معي يثير غضبي. كنت أستغرب كيف له أصدقاء مع طبعه هذا! فسبحان الذي قسم!
كثيرا ما كنا نتشاجر ونشتبك بالأيدي لكن للأسف وكل الأسف كانت أخواتي اللواتي يكبرنني وهن في الحقيقة ثنتان قد كانا يدافعان عنه دائما ويخطّئاني. ولما أدافع عن نفسي لا يسمعون لي ويتجاهلوني ويقولون كف عن الثرثرة! فيزداد حقدي عليهما. فحسبي الله عليكما يا مجرمين! أي قلب قاس تملكانه؟ هل تدافعان عمن لديه الأصدقاء وتنبذاني أنا المسكين الطريد المنبوذ في كل مكان؟ هل أنا صاحب مشاكل فتتفقان علي! ألست أنا أخوكما أيضا؟ كنت أتمنى أن أجد حضنا يحتويني وبسمة تعطيني الأمل وصداقة في البيت فقدتها في الخارج. لا داخل البيت محترم ولا خارجه محترم. أنا مهان منبوذ في كل مكان. لكن لا شك أنكما لا تعرفان طعم الأخوة ولا طعم الشفقة ولا طعم الرحمة ولا تنظران لي ولحالي وما يفعل بي. لم أجد طعم الأمان والراحة النفسية داخل البيت ولا خارج البيت. كنت وما زلت أعيش في خوف وهلع من الناس حتى من أخواني. إن كل ما تهتمون به هو أنانيتكم فحسب.
أتذكر مرة وأنا في الإعدادية أني قد التزمت الاعتكاف في غرفة للعبادة حتى ظهر علي ذلك. لقد لجأت إلى ذلك لأني ما وجدت للحياة طعما ولا شيئا يشغل وقتي غير ذلك. وفي أحد الأيام خرجت من معتكفي وذهبت فوجدت أخواني يلعبون "الأتاري" أو "الفاميلي" (جهاز ألعاب الفيديو القديم) جاء دوري ولعبت ثم دارت الدورة فجاء دوري لكن أخي الأصغر ظن أن الدور له، فبين الأخذ والرد صار شجار، فأخذت مني هذه الأخت (خ) وقالت ليس دورك! ثم قالت كلمة صعقتني صعقا حتى لكأني سقطت من السماء. لقد قالت بلغة المتهكم الساخر: "روح صلي أحسن لك" يعني روح انعزل وخليك زاهد في الدنيا أحسن لنا ولك! فأي انحطاط وعفانة هذه! أيتها المجرمة أتؤلبين أخواني الصغار علي؟!! أما كان لك أن تعطيني شيئا من الهيبة أمامهم! حتى اعتكافي وتعبدي لم يشفعان لي عندهم ولم يردان لي الهيبة والوقار.
كانوا يتهمونني بسرعة الغضب وأن أخي هذا بريء من ذلك. مرت السنوات بدأت أقلل من الكلام في الدفاع عن نفسي فقد أصابني الإحباط والملل ولم أجد لذلك من فائدة لأنهم في النهاية سيسخرون مني ويرمونني بالثرثرة. حدث شجار بيني وبينه واتهمني كالعادة بأني أنا من يغضب بسرعة حتى على أتفه الأشياء- قلت له مبتسما "اسمع أنت! سنقوم بعمل اتفاق بدءا من الآن ونرى من هو سريع الغضب أنا أم أنت"، فوافق. مرت أيام قليلة، وحدث أمر، فغضب وزمجر على شيء تافه، فقلت له مبتسما "أرأيت الآن من هو سريع الغضب"، فاستشاط غيظا. هكذا هو كان وهكذا أنا كنت مظلوم منبوذ. على الأقل اطلبوا منه احترامي والتزام الأدب معي امنحوني هيبة عندهم! لا .. إنما أنا علي أن أحترم الكبير وأعطف على الصغير، أما هو فلا توجه له تلك النصيحة إذا كنت أنا طرفا.
وللأمانة موقف واحد فقط في حياتي كلها دافعت عني هذه المجرمة وخطأت أخي المذكور. لقد شعرت بدفاعها ينزل علي بردا وسلاما، كان شعورا لا يوصف، شعور المعذب في النار حين يسقط عليه الماء البارد. فيا ليتها كانت تفعل ذلك من قبل فقد كنت أحوج الناس إلى من يشعرني بالأمان ويعطيني الحنان. لكن للأسف كانت المرة الأولى والأخيرة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق