الثلاثاء، 21 يوليو 2015

ليتني ذهبت إلى معالج نفسي، كلا!

منذ فترة كنت أشعر بالندم أني لم أذهب إلى أخصائي نفسي يعالجني، وأقول: "يا ليتني ذهبت مبكرا حتى لا يتفاقم الوضع ويتأزم" فكنت أتحسر على كل سنة لم أتعالج فيها. لكن لحظة! هل أنا أعي ما أقول؟! بدأت أفكر وأسترجع الماضي.
في العقد الثالث بدأت رحلة العلاج. ذهبت إلى أول مستشفى حيث سألتني مساعدة الطبيب بعض الأسئلة قبل الدخول إليه. لم أكن أتحمل أسئلتها ولما سألتني "هل عندك أصدقاء" كدت أبكي لأني شعرت بأن سؤالها سبة ومنقصة في حقي. شعرت بالوحدة القاتلة وتكالب الناس ضدي. ثم بعدها جلست أنتظر الطبيب. دخل ولم يجلس معي سوى خمس دقائق فقط وقال: "أنت فيك كذا وكذا" وصرف لي أدوية وغادر. قمة اللامبالاة. طبعا لم تعجبني هذه الطريقة أبدا، علاوة على أني كنت رافضا فكرة الأدوية تماما لأعراضها الجانبية، وكيف لي أن أستعملها والطبيب نفسه غير مبال أصلا بحالتي.
لم أستمر معه وتوقفت فترة طويلة، ثم قررت الاستئناف لكن لعلاج النطق حيث رأيت باجتهاد مني أنه أساس مشكلتي. دخلت على طبيبة وتفاجأت أنها لا تحسن العربية -أمر يستدعي الضحك أليس كذلك؟- طبعا لم أستفد شيئا.
وبعد فترة طويلة ذهبت إلى طبيب نفسي آخر كانوا يمدحونه في أحد المنتديات وتفاجأت أن وظيفته فقط صرف الأدوية. حولني إلى أخصائية وصرف لي أدوية. هذه المرة أخذتها وأمري إلى الله! ماذا أفعل؟ مضطر! ويا للأسف لم تفدني بشيء، فزاد الجرعة ولم أستفد، صرف لي أخرى ولم أستفد. فلما راجعته قال: "جسمك يقاوم هذه الأدوية". كنت أقطع مسافات طويلة جدا تصل إلى ساعة ونصف الساعة. جلست مع الأخصائية ثلاث جلسات على ما أذكر، كانت فقط تسألني وتكتب ولم أستفد منها شيئا. مضيعة للوقت.
فكرت أن أتجه إلى الرقية الشرعية، فذهبت إلى راق بعيد قرابة ساعة ونصف الساعة. أعطاني قنينة فيها ماء بالزعفران وطلب مني قراءة آية الكرسي بعدد مخصوص في البيت. طبقت ما قاله مدة أسبوع ولم أشعر بتحسن، فراجعته فأعطاني قنينة أخرى وقال زد عدد مرات قراءتك لآية الكرسي أو زد المدة لا أذكر. كنت أتفائل كلما ذهبت إلى أي معالج وأقول في نفسي مؤملا سأتحسن إن شاء الله. وللأسف لا يحصل المراد وأصاب بالإحباط!
كتبت شكواي في أحد منتديات الرقية الشرعية فطلب مني أحد شيوخها بقراءة سورة البقرة يوميا بحيث أضع يدي على صدري، ثم أقرأ سورا أخرى وبعض الأذكار بعدد مخصوص، ثم أستمع إلى الرقية الشرعية التي أخذتها من موقعهم كما طلب. استمررت على ذلك دون فائدة.
ذهبت إلى معالج نفسي له برنامج في التلفزيون لكن هذه المرة على اعتبار أني ضعيف التركيز، كثير السرحان، مشوش الأفكار، وأشياء لا علاقة لها بالرهاب. فكانت أربع جلسات أو أكثر قمت بها واستمعت فيها إلى ذبذبات صوتية يزعم أنها تساعد على حل مشكلة التركيز. ثم نصحني أن أتعالج بالطاقة في ست جلسات عند معالج يعمل معه وذلك لتصفية الذهن على حد زعمه. وافقت فكانت أربع جلسات ولم أكمل. أهذا هو العلاج بالطاقة؟؟ يخترعون المصطلحات الجذابة ليخدعوا البسطاء أمثالنا. كلها كذب ودجل ونصب واحتيال واستخفاف بعقول الناس. أبصم على ذلك. أهلكهم الله.
ذهبت لعلاج النطق مرة أخرى في منطقة بعيدة أيضا قرابة ساعة وقلت للمعالج: "هذه حالتي مع النطق فإن كنت تستطيع على حسب خبرتك فلنبدأ وإلا فأترجاك ألا تجعلني أقطع هذه المسافات الطويلة"، قال: "لا أجزم وسأحاول"، قلت: "على بركة الله". أربع جلسات وتمارين سخيفة.
ذهبت لمعالج نطق آخر ولا فائدة.
ذهبت إلى معالج نفسي لا يتعامل مع الأدوية نصحني به بعض الأخوة في أحد المنتديات ولا فائدة.
وآخر استغل مرضي كان لا يجلس معي سوى خمس دقائق أو عشر ويأخذ مني مبلغا كبيرا. وكان قد ظهر في أحد البرامج التلفزيونية لكنه دجال نصاب محتال.
وآخر جاهل نصاب على اعتبار أنه عالجني بالتنويم الإيحائي. لقد كانت الجلسة قمة المهزلة والاستخفاف ذكرتها في أحد المنتديات. لازلت أتذكره وهو يعاني من الرشح ويقول لي ركز على أي نقطة في ذلك الجدار وأشار بيده ثم بدأ يقول: "أنت الآن في جنة خضراء تسمع خرير الماء وصوت العصافير" وما إلى ذلك، وقد كان يردد هذه العبارات وهو في حالة نعاس وتثاؤب، والزكام لاعب دوره، وأما أنا فكنت أضحك في سري. أهلكه الله ومن على شاكلته يأكلون أموال الناس بالباطل.
حاليا أتعالج في مركز طبي ومنذ أكثر من أربعة أشهر ولعله آخر المطاف. لقد بلغ عدد الجلسات فيه ثلاث عشرة جلسة، ست جلسات مع أخصائية سخيفة ادعت أني سوف أشفى في ثمان جلسات. وفي السادسة قالت يبدو أن حالتك ليست من اختصاصي ثم حولتني إلى أخصائي وصلت معه حتى الآن إلى سبع جلسات دون فائدة. جهال لا يحسنون الصنعة ولا تشخيص الحالة. وأي واحد يمكن أن يفعل مثلهم. لا ميزة ولا تميز.

هنا قلت أخاطب نفسي: "ها أنا قد اجتهدت وبذلت كل ما في وسعي لأتعالج، خسرت المال وقطعت المسافات الطويلة. فلا داعي لتؤنب نفسك. إن الذي يحتاج إلى علاج نفسي بالدرجة الأولى هم هؤلاء النصابون الدجالون المحتالون المخادعون الجهال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق