الجمعة، 1 ديسمبر 2023

أختي الكبرى

تكلمت عنها في هذه المدونة وسأغلق ملفها بهذه الصفحة وأتمنى أن لا أفتحه مرة أخرى فقد تمادت في طغيانها.
أذكرها صغيرا، شديدة الحساسية، عصبية المزاج، أنانية الطبع، لا تتفاهم ولا تتفهم، إن ضربت تضرب بلا رحمة، ومن يخالفني في وصفها فشأنه لا أهتم، فأنا أتكلم عما أراه بنفسي وما تصنعه بي، فإني واحد منهم رغم أنفها وأنفهم، فإن كانت توصف تجاه غيري خلاف ما أجده منها تجاهي فهذا أمَرّ وأشنع لأنها بهذا الوصف تجعلني في أسفل سافلين وتجعلهم في أعلى عليين.
كنت صغيرا وكان يحصل شجار بيني وبين أمي أو أحد إخواني فأدافع عن نفسي بضراوة، فتصدني هذه وتكمم فمي بقولها: "اسكت لا تثرثر لماذا أنت ثرثار". تخيل أن تكون متهما وتجد نفسك مظلوما ثم تمتثل أمام قاضي محكمة لتدافع عن نفسك، تنتظر منه إنصافا، يصغي إليك باهتمام, محترما إنسانيتك قبل كل شيء، فإذا بك تجده وبكل برود ولا مبالاة يخرسك ويصفك بالثرثرة والكلام الفارغ. هل لك أن تتخيل؟ فمن يحميك إذا كان القاضي لم يحميك؟ فإن كنت شعرت بضيق شديد وقهر فهكذا أنا كنت. وكانت تضرب بقوة بلا رحمة فهي لا تجيد غير العصبية، غير مهتمة بي، هذا كل ما أذكره من شأنها.
لما كبرت تجاهلت تصرفاتها بل نسيتها. تزوجت وكانت أول من تزوج من العائلة، واستقرت مع زوجها في دولة مجاورة، وكانت تزورنا وكنت أُسعد بزيارتها هي وأختها خصوصا إن لم يرافقهما زوجاهما.
وفي مرة جاءت وأختها مع بناتهن وكنت أحب ابنتها سارة وأمازحها. ذهبوا جميعا مع إخواني الثلاثة في رحلة وأقاموا في فندق ليلة أو ليلتين ثم رجعوا مسرورين ومعهم صور تذكارية. كنت منزويا وهم يتحدثون عن الرحلة ويضحكون ويتذكرون ما كان يحدث لهم من مقالب، شعرت بالوحدة، لم أرهم يهتمون! وتمر الأيام وصرت أشعر أنها تنحاز إلى أخي "عبد" و "عد" لدرجة أنها مرة توجهت بجسمها نحوهما عني، مستمتعة بالحديث معهما، ولم تكن كذلك معي. كانت ترحب بهما أكثر، إنها تحبهما أكثر، وأنا الذي أحتاج إلى الحب والحنان هروبا مما جناه عليّ الزمان. فقررت أن أجاهد نفسي وأكلمها وأتحدث إليها وأضحك معها لعلها تنظر إلي. حاولت كثيرا لكنها أبدا لا تتغير، هي كما هي. يئست، فقررت أعكس أسلوبي لعله ينفع، فصرت أتعمّد تجاهلها، وإذا مررتُ بجانبها لا أُسَلّم عليها ولا أهتم لها ولا أنظر إليها وأصد عنها لعلها تحس بي وتتودد إلي، لكن للأسف هي كما هي لا تتغير، في كلا الحالين لا تتغير، كأنها حجر، ليست من البشر، أو كأني شبح لا أُرى بالبصر. فخلصت إلى أني لا أعني لها شيئا، ووجودي بالنسبة لها كعدمه، لا أجد تفسيرا غير هذا، أنا يا جماعة أتلقى طعنات في الداخل والخارج. فبدأت أكرهها وأحقد عليها.
بعد ذلك حدثت لي معها أحداث ذكرت بعضها في هذه المدونة. ثم حدثت أحداث أخرى منها أنها دخلت شقتي مع ابنتها سلوى بعد وفاة أمي رحمها الله تعالى، يريدان مقابلة زوجتي والحديث معها وليس من أجلي والدليل سيأتي واضحا جليا ستكتشفونها لوحدكم، كانت سلوى تنادي زوجتي من خلف الباب، وكنت في الصالة فأذنت لهما بالدخول، فدخلا فسلما علي وتصافحنا وأنا أرتجف داخليا بحكم الحالة النفسية، ثم جلسا، فأتت زوجتي فجلست، فتحدثوا وأنا كنت حينها أكتب أو أقرأ ولا أطيقها. وبعد دقائق قمت وقلت: "صدعتم راسي أنا رايح غرفتي". فردت هذه: "الله معاك". كأنها تقول: "مش فارقة معانا، هل تظن أني سأقول لك اجلس، فالله معاك". قلت في نفسي: هذه أخلاقك.
أنجبتُ ولدا فبارك لي جميع إخواني إلا هي واكتفت بتهنئة زوجتي كأن زوجتي أختها وأنا زوجها، طبعا! هي قاطعة رحم أو لعلها لا تعتبرني أصلا من الرحم أو لعلها تكافئني: قطيعة بقطيعة، هي لا ترسل لي رسالة تبارك لي برمضان ولا تهنئني بعيد على الإطلاق, أم تريدني أنا الذي أبتدئ على الدوام؟ كلا، لا أفعل ولن أفعل، ولو فعلت لن تبادر أصلا، ولو قطعت ستقطع فورا، لأنها وبكل بساطة لا تعطي لي بالا. الحقيقة قد انكشفت ولا أذل نفسي أكثر مما أنا فيه من ذل، فليس المريض هو من يعود السليم، وليس الأسير هو من يزور الطليق.
ولدت ابنتها سلوى فجاءت مع أولادها فهربت كالعادة في نهاية الأسبوع وسكنت فندقا خوفا من تجمعاتهم الأهلية التي أنا فيها نكرة غير مرغوب فيه لا قيمة لي، هربت من سجنهم لأكون حرا طليقا. وبعد ثلاثة أيام رجعت إلى بيتي متسللا إليه كأني لص يتحسس حوله حذرا وخوفا، من إخواني وصبيانهم، كثيرا ما ينتشر حول بيتي الأشباح المخيفة أعنيهم هم، هكذا انتهى إليه حالي. رجعت وهي كما هي لم تسأل عني، عادتها ولا أتوب من نسيان عادتها. لم تحصل مقابلة إطلاقا كالعادة إلا بعد رجوعي من الفندق لكن ليس في الحقيقة بل في منامي ظهرت لي وهي تتنمر علي، فلم أتمالك نفسي فقد طفح الكيل منها، فما عدت أحتمل السكوت عنها، فقررت أن أتعدى بالضرب عليها، وأخمش وجهها، لأشفي غيظي منها، وأروي حقدي عليها، إلا أنني لم أستطع الوصول إليها، وكانت موشحة بوجهها، غير عابئة بي وأنا شقيقها، فأمسكت حجرا لأضربها به وأوجعها، إلا أن يدي ضعفت، فصار الرمي ضعيفا وسقط الحجر ولم يصبها، وهي صادة عني غير عابئة بما سأفعله، وأمي تنظر وهي ساكتة لا تحرك ساكنا، هنا صرخت وقلت لأمي: لقد آذوني. فبدأت أحكي قصتي بصوت عال وأشكو إليها حالي والظلم الواقع علي ولا أحد منكم يشعر بي، فذكرت بعضا مما هو مكتوب في هذه المدونة، فتأثرت أمي وصارت تتعاطف معي وتهدئني وفي نفس الوقت لا تريد أن تتعرض لأختي ولا تنهرها أو تنصحها، وأختي كما هي غير مهتمة على الرغم من أنها سمعت ما بحت به من معاناتي. ثم التفت وإذا ببنتين من بناتها سارة وأخرى لعلها سيرين وقد سمعتا قصتي ومعاناتي تنظران إليّ بابتسامة مزدرية وعيون منتقصة، فبدل أن تتأثرا وتشفقا علي وتكونا في صفي إذا بهما تسخران مني وتستخفان بي، فشعرت أني فضحت نفسي، فندمت لكوني بحت بما أعاني وأنا لم أمت بعد، فسينتشر خبري بين الناس وأكون طيلة حياتي أشد تعاسة من قبل. فاستيقظت من نومي وحالة الندم تسيطر علي. فلما وعيت حمدت الله تعالى وقررت أن لا أنشر قصتي إلا إن تيقنت من موتي، ولا أدري لماذا أنا مصر على نشر قصتي عند موتي رغم أن الحلم يدل في الظاهر على أن التكتم أفضل؟ سبحان الله كنت سأكتب موضوعا جديدا قبل هذا المنام بفترة طويلة أبين فيه أن هؤلاء لو قرؤوا مدونتي هذه لن يتغير فيهم شيء تجاهي ولن يتأسفوا أو يندموا أو يتأثروا لأني رأيت من طغيانهم ووقاحة تماديهم وتجاهلهم ما يؤكد ذلك.
بعد هذا المنام بيوم أو يومين لا أذكر خرجت مع زوجتي في نزهة، ثم رجعنا، سبقتُ زوجتي إلى شقتي، وأنا في طريقي وجدت في الصالة الكبيرة بجوار شقتي أختي هذه واقفة قبالة وجهي تتحدث إلى سارة وحول سارة أطفالها وهم جلوس على كنب وظهرهم قبالة وجهي وكانوا أقرب لي من أختي، ولحيائي أو ضعفي قلت لسارة وأنا أمشي متجها إلى شقتي: "كيف الحال" فالتفتت سارة إلي وردت. ثم التفت إلى أختي الوقحة فوجدتها لا تنظر إلي، كأني شبح لا تراني، فأخذت هي تكمل حديثها مع ابنتها موشحة بوجهها عني صادة كأني غير ظاهر لها. دخلت شقتي مصدوم كأن الجبال دكت على رأسي من وقاحة فعلها وبشاعة تصرفها. ما هذا الإجرام عند هذه المرأة؟ أي قلب أسود متحجر قاس تملكه هذه المرأة؟ دخلت شقتي وأنا ألعنها دون وعي وتمنيت حينها لو كنت قلت لسارة: "قومي وسلمي على خالك. طبعا لن تقوومي لا أنت ولا ابنتك لأنك تربية هذه الزبالة" فأخفف عن نفسي ثم أتوجه إلى أمها الحقيرة وأصرخ في وجهها ولا أرتاح حتى أعتدي عليها ضربا مبرحا أشفي غليلي منها، هكذا كنت أتمنى من شدة الغيظ. ثم بدأت أدعو الله تعالى عليها أن ينتقم لي منها وأكرر. هل هذا تأويل رؤياي يتحقق بعد يوم أو يومين؟ لقد قطعت بملئ إرادتك رحما بيننا، أنت تعاندين إذن، أنت تكابربن، لقد تماديت في غيك وطغيانك، فإني أشكوك إلى الله تعالى، أنا خصيمك يوم القيامة، أنا خصيمك يوم القيامة، أنا خصيمك يوم القيامة.
كنت قبل هذا اليوم أطلب من الله تعالى أن يجعل دعائي على إخواني رحمة لهم لأني كنت بحكم القهر والظلم أدعو عليهم، وأما اليوم فلا، هذا دعائي خالص، أنا خصيمك يا لولو يوم القيامة.
لما رجع وعيي وسكن غضبي، ابتسمت وفرحت حيث شعرت أني حر طليق لدرجة أني أخذت حريتي في البيت وأتكلم بصوت عال بعد أن كنت أخاف أن يسمعوا صوتي فيحركهم حنين الأخوة وصلة الرحم فيزوروني فأقع في خوف الرهاب الاجتماعي. أنا في الحقيفة مغفل لا أملك الشجاعة التي تملكها هذه الحقيرة. 

آخر المستجدات:
بعد أكثر من أسبوع وبينما أنا في صالة شقتي مع ابني أحمد نتناقش حول درجاته في الكلية المعروضة على الموقع الإلكتروني إذا بأختي التوأم تستأذن في الدخول فردتت عليها بصوت عال حتى تسمعني قائلا: "لا تدخلي! أنا مشغول". لكنها بعد دقيقة دخلت والله المستعان. فسلمت علي ومدت يدها فصافحتها باشمئزاز، فجلست ثم ناديت زوجتي قائلا: ؟تعالي انظري لهذه ماذا تريد". لم أستطع إكمال الحديث مع ابني لخصوصية الموضوع، فذهبت أشغل نفسي بالتصفح في مواقع أخرى وجلست زوجتي معها، وبعد قليل سمعت سيئة الذكر الأخت الكبرى تقترب من شقتي حتى فتحت الباب دون استئذان، فبدأت بالسلام قبل أن تدخل الصالة، فأسرعت بإغلاق الحاسوب وحملت نفسي وذهبت إلى غرفتي حتى لا أراها ولا تراني، ثم أغلقت الباب خلفي وأنا عزيز نفس، لا يهمني أمرها، حينها شعرت بكبرياء وعزة وراحة وحرية. لم تمر خمس دقائق إلا وقد وصلتني ثلاثة تنبيهات متتالية على هاتفي، ظننتها من أختي التوأم لكني حاولت أتحايل على نفسي وأقول: "ليست منها لأنهم لا يهتمون بي أصلا، هذي رسائل دعائية لشركات" لكن بقايا من سذاجة لا تزال تحاول السيطرة على تفكيري جعلتني أتخيل أن فعلتي تلك ستحرك شيئا من مشاعرهم نحوي وتجعلهم يتعاطفون معي ويعيدون النظر في أمري. صليت فرض العشاء  بكل هدوء لا أهتم لأمرهم ولا لتلك الرسائل وأحاول أخدع نفسي وأقول إنها ليست إلا رسائل دعائية، فلما انتهيت من الصلاة طالعت الهاتف فوجدت الرسائل مرسلة من ابني يتحدث فيها عن الكلية، لم أنصدم وقلت: "أرأيت؟ لا يهتمون بك، وأما بقايا سذاجتك بحول الله لا بد أن تزول". بعد ساعة وربع الساعة أرسلت أختي التوأم رسالة ما كنت أريد أن أقرأها لولا أول كلمتين من الرسالة سقطت عيناي عليهما وهي "سبحان الله" هنا شدني الفضول لقراءة الرسالة كاملة فقد شعرت أنها تحوي أمرا خطيرا ستنهي علاقتي بها وتلحق بتلك. كتبتْ بالحرف الواحد: "سبحان الله ما عرفت تقوم من الغرفة إلا لما دخلت لولو!! قاعده أفكر شو بيقول أحمد من ها الحركة. ويا خوفي يتعلم منك ويسويها من يكبر بفلانه وفلانه" ذكرت أسماء أخواته. لو كانت هذه التوأم في صفي تهتم لي لقالت "خير يا فلان ليش خرجت هل لولو زعلتك؟ أكيد هناك شيء بينك وبينها" فلا تكتفي تسمع من طرف واحد وتتجاهلني. لكن لما رسالتها قد بدأت بالتسبيح فقد أكدت حدسي القديم فأعطتني مناعة قوية صلبة لأن أهجرهم في راحة نفسية بحجة واضحة جلية تثبت أنهم هم الذين قطعوا حبل الوصل ولست أنا أرفعه مقطوعا إلى السماء. ولقد كنت على وشك الرد عليها وأنا في غضب حزين وأكتب لها: "تمام .. ولا تدخلي أنت الأخرى شقتي إذا أنا موجود فيها" لكني فكرت بعقل ولم أستعجل فأندم وأفتح بابا من الثرثرة، فلو رددت عليها ستصر على رأيها ولن تفهمني لأني أعرفهم جيدا، فأنا الذي على خطأ وأنا علي الطاعة والاحترام، وكيف لا؟! ورسالتها كافية وافية، علاوة على أني لا أريد أن أبوح بسري حتى أموت. قمت بحظرها من هاتفي فورا لأن صوتها صار نشازا لا أطيقه وأي كلام منها لا أحتمله. أمَا لو سكتت عني كما تفعل أخواتها كان أفضل لي ولها للحكمة التي تقول "قل خيرا أو اصمت"، مع أن كلا الحالين شر وأحلاهما مر ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبعد أن هدأت نفسي أتذكر رسالتها وأضحك بشكل هستيري وإذا تعمقت فيها ضحكت أكثر وأكثر. رسالتها هذه تستحق أن أكتب فيها موضوعا مستقلا وسيحصل إن شاء الله قريبا. الرسالة تحمل حقائق خطيرة جدا.

وبعد أسبوع تقريبا نادت ابنتي أمها وأنا جالس في غرفتي تقول: "عمتي لولو لابسه عبايا تريد تسلم عليكي ستسافر" وأنا أضحك ساخرا منها  زوجتي أختها وأنا زوجها ههههههه. لست أخاهم ههههه. عندها أنفة وعزة نفس عجيبة ههههههه. وأختها خديجة جاءت نفس الشهر وغادرت ولم تكلمني تطلب رؤيتي على الأقل من أجل الأخوة وصلة الرحم. هل فعلت معها شيء كما فعلت مع سيئة الذكر؟ كلا! فلا تتحججوا وتملؤوا بطونكم بالكذب.

أنبه على شيء مهم وهو أنها أو غيرها إذا مرت في طفولتها بأمر مزعج ومواقف سيئة مثلي فالمفروض حين تكبر تشعر بالآخرين، وتلين لهم، وتشفق عليهم، لا تحب أن يعيشوا مثلما هي عاشت، تسارع في الاعتذار لتستحق مني الاحترام والتقدير. أما أن تصدر أخلاقا سيئة عوملت بها فلا، لا أعذرها قد يعذرها غيري فهو قد لا يبالي أما أنا فلا. حالتي لا تسمح لي أن أعذرها. ها أنا ذا ما من موقف إلا وأُهنت فيه، قد تعرضت للتنمر من كل الجهات ومع هذا أشعر بالآخرين ولا أريد أن يحصل لهم مثلما يحصل لي، لذلك إن غضبت لموقف تحسست منه، وبدا مني خلقا سيئا لا أصر عليه وأنتقم لنفسي بل أنا ولله الحمد سريع الاعتذار ولو لم أكن أنا المخطئ، متعاطف مع الآخرين، رحيم بهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق