قبل العشر السنوات الأخيرة كنت أحضر مجلس الرجال غداء وعصرا ومغربا وعشاء أيام العيد ثم لم أعد أتحمل فصرت أخرج من البيت قبل الظهر وأهرب من هذه الاجتماعات المخيفة متسكعا في الشوراع ولا أرجع إلا قبل الفجر لأضمن خروج كل الضيوف والوحوش. استمر هذا الحال خمس سنوات فلم أجد أحدا قط من إخواني من افتقدني وسأل عني واتصل بي وأنا في الخارج مستغربين عدم حضوري خلاف ما كنت عليه في السنوات الماضية! نعم إنها الحقيقة المرة فأنا وجودي كعدمه وأنا إنما خدعت بهم فهم لا يهمهم أمري، ولا يهمهم ما وصلت إليه من انعزالي وجبني وخوفي من الناس، وقتهم أثمن من أن يمسكوا بيدي لإنقاذي من أن أسقط في الهاوية.
لقد كنت بينكم سنوات طوال فلما اعتزلتكم فجأة ورجعت إلى ما كنت عليه وأنا صغير، لم يتغير شيء عليكم، وجودي وعدمه سيان عندكم. لقد خدعتموني! أنتم تعذبونني! ثم تستمرون في تعذيبي بعد ذلك في السنوات الأخيرة! بدل أن تنقذوني من السقوط في الهاوية وتمسكوا بيدي، أنتم تدعسون بأرجلكم على يدي المتشبثة بحافة الهاوية للإسراع في هلاكي. تبخلون حتى بتهنئتي برمضان أو العيد أو السؤال عني! مجرد رسالة تبخلون بها علي، لقد وصلتم إلى مراحل متدنية مريضة مقززة مقرفة، والله لقد بدأت معدتي الآن تمغصني من الحزن والكمد حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق