الخميس، 14 نوفمبر 2024

سنة من قطيعة الرحم

هذه سنة كاملة على الأقل لا شك فيها ولا ريب، اثني عشر شهرا، خمسين جمعة، ما أحد من إخواني صغيرهم وكبيرهم رفع سماعة هاتفه واتصل بي أو أرسل رسالة يبارك لي برمضان والعيدين فيبرئ ذمته أمام الله تعالى إن كان يتق الله في الرحم. سنة كاملة ألا تكفي العقلاء وأهل الإنصاف دليلا على وصف هؤلاء بقطاع الرحم ومن ثم الكف عن تبرير أفعالهم.
فلتعطوا لأنفسكم الأعذار وعند الله نلتقي فيفصل بيني وبينكم بالحق.

الخميس، 24 أكتوبر 2024

اليوم .. وصلت إلى أعلى مستويات الغربة الشديدة

بتاريخ 20 من أكتوبر 2024 يوم الأحد بعد ما رجعوا إلى بيوتهم بعد اجتماعهم كالعادة نهاية كل أسبوع وصلت إلى أعلى مستويات الإحساس بالغربة الشديدة. وصلت إلى الإحساس بأنني مبتور ليس لدي إخوة. هؤلاء ليسوا إخواني أنا كنت أحلم أنا لقيط من غير مبالغة.
هؤلاء لو قرأوا مدونتي هذه سيضحكون علي ويسخرون مني ولا يبالون بي وسيقولون عني ما أسخف تفكيري.
أتذكر لما كنت أهان من قبل بعض الضيوف في مجالسهم بقصد أو بغير قصد ووجهي يحمر ويخضر ويصفر وينتابني التوتر ويصيبني التلعثم ويتلبسني شعور الطفل المعذب المغلوب على أمره، هؤلاء الذين يقال إنهم إخواني يكتفون فقط بالنظر إلي ولا يحركون ساكنا لأن قلوبهم متحجرة أو لا يهتمون أو لا أعني لهما شيئا ولا يدافعون عني ولا أقل من ذلك إذا خرج الناس واسوني ورفعوا معنوياتي وأخذوا بيدي وقالوا لا بأس لا تهتم أنت أقوى لا بل يذهب الأمر كأن شيئا لم يحدث، كأني حيوان في زريبة، لا بل الحيوان يهتمون به أكثر مني. إذا كان هؤلاء لا يسألون عني أصلا فكيف سيهتمون بي ويرهقون أنفسهم.

بتاريخ 5 من نوفمبر 2024 شعرت بخوف بعد أنا جاءني زميل دراسة قديم لما رآني وحدي في الشارع بجوار بيتي مع طفلي بطريق الصدفة فسلم علي وكنت مرتبكا قليلا تصافحنا وتكلمنا ثم وصل ابنه فسلم علي. كنت أتكلم معه وأنا في عالم آخر شارد الذهن مشتت الأفكار حتى نسيت أننا بنفس العمر وظننته أصغر مني، أتكلم وأنا مرتبك لا أستطيع التركيز. لم يعجني تصرفي ووجدت أني ازددت سوءا، وكيف لا أزداد سوءا والكل لا يطيقني ولا يريد السلام علي. ستقول هذا صاحبك جاءك يسلم!! أقول لك أبعد عشرين سنة؟؟ إنه أصلا نساني ووجدني بطريق الصدفة وقال نسأل عنه ماذا نخسر؟؟ ولن يسلم علي بعد اليوم هذا يحتاج إلى سنين ضوئية حتى يسلم علي. هو جاء لزيارة أخيه الذي بيته ملاصق بيتي. فلا تكن غبيا ساذجا إلى هذه الدرجة. كل من يعطي لنفسه العذر من إخواني فهو كذاب. سيأتي واحد منهم يقول أنا أتصل بك لا ترد وأنا أسلم عليك برسالة نصية على الهاتف المتحرك ولا ترد. اثنان أو ثلاثة فقط ثم إنها مرة أو مرتين فإذا زادت فثلاث مرات ثم يمحوك من ذاكرته وتمر السنين ولا يعيد الكرة كأني سرقته أو أهنته أو شتمته وسببته أو مكرت به أو ضيعت له فرصة ثمينه فاغتاظ مني. والبقية في سبات عني عميق.

بتاريخ 17 من نوفمبر 2024 وصلت إلى مرحلة اليأس، شعور غريب جدا، قلق وخوف وحزن، أريد أن أبكي أصيح وأصرخ وأفجر أوعية الدموع المحبوسة فيها وأرتاح من آلامها.

الأحد، 28 يوليو 2024

حتى الذين أكرمتهم

من الوقائع التي تثبت لنفسي وللذين يدعون أني أعطي الموضوع أكبر من حجمه وأن الناس لا تكرهني وأني أنا فقط أبالغ أو أتوهم، وأن الناس للناس وجامل الناس حتى يعاملوك بالمثل - قصتي مع أهل زوجتي.
كنت بنيت شقق لي معدة للايجار، وبعد الانتهاء فكرت أن أخصص لهم الشقة المنفردة في الطابق العلوي فقمت بترتيبها مجددا لتكون أفضل. فسكنوا فيها بداية 2019 دون مقابل، وكانوا من قبل يسكنون في شقة يدفع إيجارها عنهم زوج عمتهم وكان أحيانا لا يستطيع إكمال المبلغ المستحق فكنت أتكفل بالباقي.
أشرت إلى زوج عمتهم هذا أن يدفع عنهم مصاريف الماء والكهرباء تخفيفا لهم، فوافق بقوة فاتفقنا على أن يدفعها لي سنويا. والمبلغ الذي سيدفعه أقل من 20% مما كان يدفعه في السابق فخففت عنه هو الآخر فقد كان يعتبر نفسهم مسؤولا عنهم إذ كان والدهم وهم أعزاء على قلبه وقد توفي والدهم فأحب أن يكون سندا لهم هكذا أنا أظن. غير أنه في كل سنة كان يؤجل الدفع ويذكر عذره وأقبله وكنت أثق به. لكن بعد ثلاث سنوات من المماطلة والتجاهل وإلحاح مني أعطاني مبلغ بسيط فغضبت وعبرت عن استيائي فرد علي وقال: كمل جمايلك ولا تضيع الأجر فأنا علي دين للبنك -وذكر لي المبلغ الذي يسدده شهريا كان مبلغا كبيرا جدا-. ثم قال: سأدفع لك من الآن مبلغ كذا -أقل مما هو متفق عليه-. هنا سحبت ثقتي به، فلم أره يهتم للموضوع، ولا يفي بما وعد، ويتجاهلني كأن ليس بيننا اتفاق، فخشيت أن تتراكم عليه الديون فيستعظمها، لذلك قررت أن ألغي اتفاقي معه بصمت دون أن أخبره بذلك. أنهيت معه الحوار وقلت له غاضبا مقهورا: لا تدفع شيئا ولا أطالبك بشيء. سكت ولم يرد علي بكلمة ولا قال شكرا فظننت أنه خجل واستحى وسيفكر. أخبرت أهل زوجتي بما حصل دون أن أذكر لهم اسمه احتراما لشأنه، وبينت لهم أن الأصل أني لا أدفع مصاريف الماء والكهرباء، فلم يترددوا وقبلوا. لم أطالبهم بدفع مصاريف السنوات التي مضت لأن الذنب ذنبه وليس ذنبهم. مرت أشهر تلو الأشهر ولم يرجع إلي فيئست منه لكني كنت مصرا على أخذ حقي منه لأنه رجل مقتدر ميسور الحال، وكان عندي أمل كبير في أن يسدد كامل الذي عليه بعد إنهاء التزاماته البنكية، فقلت أنتظر انقضاء السنتين وإنهاء ما عليه للبنك. وبالفعل انقضت السنتان فأرسلت له رسالة مهذبة وذكّرته بانقضاء السنتين وأنه حسب كلامه ليس عليه للبنك شيء وبشرته بأن مصاريف الماء والكهرباء صاروا هم من يدفعونها، ثم قلت له: ليس عليك شيء إلا أن تسدد دين السنوات الثلاثة الأولى فقط ثم لا أطالبك بشيء بعدها. فرد علي: ألم تتنازل؟ فقلت له: قلت ما قلت مقهورا وقد ظننت أمرا لم يحصل. فأبهمت احتراما له وكنت أقصد بالأمر الحياء يعني ظننتك ستستحي فيحركك جوابي وتسدد ما عليك. وكل كلامي معه بهذه الطريقة احتراما له. فماذا فعل؟ كعادته أظهر أعذارا أخرى واهية. فالحمد لله الذي ألهمني إلغاء الاتفاق معه وعدم الاعتماد عليه، فرب ضارة نافعة. لقد صدمت من رده أشد الصدمة واحترق أملي وتبخر. تجاهلت أعذاره ولم أناقشه فيها واكتفيت بأنها أعذار غير مقبولة ولا تسقط حقي وحقي في رقبتك. فيصعقني: ليس علي شيء لك. هكذا بكل وقاحة وقال لي: هل تريد أن أطلب منهم أن ينتقلوا إلى بيت آخر ويتركوا شقتك؟ هكذا!! طبعا لم أنجر إلى هذه التفاهات وركزت فقط بالمطالبة بحقي. بل كان جحوده يشجعني على الإصرار على اجتثاث حقي منه غصبا عنه لأنه رجل مقتدر، ميسور الحال، متقاعد وعنده عمل تجاري حر،  وله أولاد يعملون ويجنون أموالا. وفي الأخير ثرثر وأظهر أعذارا أخرى ثم قال: هذا آخر رد لي ولا ترسل لي شيئا. هنا ارتفع مستوى غضبي، لقد كانت ردوده تخنقني، إنه يغتصب حقي ويريد أن يكمم فمي، ألا بئس خلقك، فرددت عليه أن انتهى الذي بيننا وإلى الله المشتكى. ومنذ ذلك الحين وأنا أدعو الله تعالى عليه أن ينتقم منه. وبعد أكثر من أسبوع عاد إلى رشده فسدد الذي كان عليه فالحمد لله الذي أنقذه قبل هلاكه.

قلّت زيارتي لأهل زوجتي بداية 2022 حتى قطعتهم وبذلك يكونون هم آخر من أقطع من معارفي. فسألني أخو زوجتي محمد هل أنت زعلان فأجبته بالنفي وكان ذلك بتاريخ 17 يونيو 2022 ومن بعد هذا التاريخ لم يتواصل معي ويسأل عني وسأذكر بعض أحداث هذه الفترة.
بعد شهر دخل عيد الأضحى فلم يعايد ولم يسأل.
وفي 19 نوفمبر 2022 أي بعد تجافيه بخمسة أشهر كان ليلة عرس أخته. أوصلت زوجتي إلى صالة العرس التي تبعد قرابة ساعة، وكان قد تحرك بأهله بعدنا بثلث ساعة تقريبا، وكانت زوجتي تتواصل معه ونحن في السيارة يعني يعلم بوجودي ويمكن أن نلتقي. وصلنا جميعا في نفس الوقت، وصادف أني أوقفت سيارتي بجانب سيارته وهو داخلها بينهما مسافة مترين فقط. قمت بنقل أكياس من السيارة إلى الصالة ذهابا وإيابا أكثر من مرة، فلم ينزل يسلم علي ولا اتصل لنتقابل ويسلم علي كأني لا أعني له شيئا وهو كذلك. ولعل أمه كانت بجانبه لأني سألت زوجتي عنها فقالت هي في السيارة. وللأسف حصل مثل ذلك بعد مدة طويلة حيث أجزم أنه رآني وتجاهلني لما كان ذاهبا إلى عمله وابنتي تنتظر الحافلة صباحا. كأنه يقول لي: أنا لا أريد رؤيتك. وأنا أقول له: وأنا أبغضك، وإكرامي لكم يدينكم، وعند الله نجتمع.
مرت أربعة أشهر أخرى وهو كما هو لا يسأل. وفي 22 مارس 2023 دخل رمضان، وفي أول يوم من أيامه، زارنا في بيت العائلة فدخل مجلس الرجال ليسلم على إخواني ثم خرج، رأيته من شباك غرفتي. لم تجدني في المجلس؟! ألا تستحي وتسلم علي؟ أو على الأقل ترسل لي رسالة بعد تسعة أشهر من التجافي؟ أما هبت عليك نسمة وفاء وتقول يوجد شخص قابع في هذا البيت منطو على نفسه في غرفته ساعدنا كثيرا وإلى الآن يجود علينا ساكنين في شقته بلا مقابل حي يتنفس بل عِشرة عشرين سنة من المحبة والألفة والزيارات؟ رسالة على الأقل إن لم ترغب برؤيتي أو سماع صوتي. مرت الأيام والليالي حتى جاءت الليلة الخامسة أرسل لي رسالة منه بالمباركة، فشكرا لك على أنك أخيرا تذكرتني.
بعد ثلاثة أسابيع رزقني الله بمولود فاتصلت بأم زوجتي أبشرها وأنا في المستشفى ثم أعطيت الجوال لزوجتي لتكلمها ثم تداخل هذا ناكر الجميل يكلمها ويبارك لها وأنا أسمع صوته المقزز. انتهت المحادثة دون أن يكلمني أو يرسل سلامه لي أو يرسل على الأقل رسالة يبارك لي.
قد يتعذر هذا ناكر الجميل أني لا أرد عليه. إنها مرة أو مرتين أو ثلاث، أهذا مبرر لك لتقطع علاقتك بي؟ تقاطعني أكثر من سنة وتستمر في القطيعة. ثم ما شأنك أرد عليك أو لا أرد، أنت لو تعرف رد الجميل، لا تتعذر بمثل هذه الأعذار. العامل الأجنبي الذي يعمل في الشركة التي كنت أعمل فيها أرقى منك، إنه يعرف رد الجميل، تركت عملي منذ أكثر من سنتين ولا يزال يرسل لي المعايدات والتبريكات لا ينقطع مع أني لا أرد عليه لسبب لا يهم البوح به. أناس يعرفون يقدرون الآخرين وأناس الحذاء وهم سواء. مبررات كاذبة لأنه هو بنفسه أرسل لي بعدها بسنة أكثر من مرة رسائل في أمور جانبية مثلا استأذنني ليضيف شيئا في بنايتي التي يسكن فيها ولوقاحته لا يبتدئ طلبه بالسؤال عني لأنه قليل الأدب. عند المصلحة فقط ها هو يتصل. هو ناكر الجميل انتهى موضوعه. ابنتي الصغيرة مرة قالت لي: إن مريم -التي هي أخته- تسلم عليك. فتعجبت! هذه تسلم علي وهذا ناكر الجميل لا يسلم علي ولم أسمع أحدا قال لي فلان يسلم عليك. تفوووو عليك.

وأما أمه فقبل ولادة زوجتي سلمت عليها وقبلت رأسها بعد المقاطعة المذكورة ورجع التواصل معها وصار سمن على عسل. ثم أقامت ليلتين عندها في المستشفى بعد الولادة، نلتقي هناك ونتحدث والأمور صارت طبيعية ورجعت المياه لمجاريها هكذا أظن. لم أكن أصلا أود مقاطعتها وكنت دائما أريد زيارتها في بيتها لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فقد اشترطت على نفسي أن تكون وحدها ولسوء الحظ فإن الوقت الذي تكون فيه كذلك لا أكون فيه مرتاحا. لما خرجت زوجتي من المستشفى زارتنا في البيت وجلسنا سويا. أرأيتم؟ الأمور صارت طبيعية لكن مع الأسف هذه آخر زيارة لها، وآخر اتصال بها، ولكأن ذلك مصلحة من أجل أن ترى ابنتها. ثم بعد الأربعين ذهبت زوجتي إليهم تبيت عندهم ليلتين ثم رجعت، ومنذ ذلك الوقت إلى شهر لم تتصل بي تسأل عني ولم تزرني وهي تعرف حالتي وأني انعزلت عن الناس. لقد وجدتُها فرصة أختبر تقديرها المزعوم لي وكذا حبها الذي قد صرحت به لي مرة فأدمعت عيني لأني لم أجد للحب مكانا يزاحم شعور النقص والذل والنبذ والكره والتجاهل الذي استولى على نفسيتي وتحكّم. لكنها كلمة هي قالتها لم تصدق فيها، ولا يهمني باطنها، وماذا تفيدني نية لا يصدقها العمل؟ وليس عندي قوة تدفعني لأحسن الظن بأحد، الوقائع لا تساعدني أصلا، أفاعيلهم أقوى. قد اكتشفتُ زيف دعواها بعد أن مرت ستة أشهر لم تقل لي خلالها اشتقت إليك وأرغب برؤيتك وزيارتك، أنت تقاطع وأنا لا أقاطعك.
الكل فرح لأني تخليت عنهم، فتخلوا عني، لكأنهم ينتظرون مني بلهفة أن أنعزل عنهم لتكون لهم حجة ويتخلصون مني.
سألتني زوجتي مرة لما زارتنا في بيت العائلة وهي تزور بيت العائلة أكثر من مرة: هل أكلم أمي تسلم عليك. قلت لها: إن طلبت هي من تلقاء نفسها فلتتفضل وإلا فلا تضغطي عليها. فقالت: هي لم تطلب. فسألتها: هل هي لم تكن تطلب من قبل؟ فأجابت: نعم لم تكن تطلب. فتأكدت من قطيعة أمها لي، فتألمت وحزنت كونها لم تفكر تزورني كل هذه المدة، وهي كانت تزورني كلما زارت بيت العائلة لترى أمي أو الضيوف القادمين إلينا. لقد رجعت النار تحرق أحشائي.
أتذكر لما قلت لها: تعالي وابنتك عاينا الشقة لتدونا ملاحظاتكما عليها وإبداء رأيكما فيها قبل إعلان الإيجار. وذلك قبل أن يعرفوا أنها ستكون لهم لأفاجئهم بها. فتفقدت الأم غرف الشقة وأعجبت بها وبفنائها الواسع الجميل وكأنها تتخيل أنها لو كانت لها. وفجأة قلت لها: هذه الشقة لكم. حينها دمعت عيني وكادت تنهمر لضعف قلبي وحبي لهم. واليوم تدمع عيني حزنا وكمدا وقهرا لما يصنعونه بي.
زيارة واحدة لماذا لا تزوريني؟! لماذا؟! ستة أشهر!! والله إني مقهور ، ولا أجد لك عذرا، مهما اعتذرت من عذر. حتى معايدة عيد الأضحى! كنتِ أنت أحيانا أول من تتصلين بي لتهنئيني بقدوم رمضان أو العيد. لقد خرجتِ من عندي آخر مرة ولم يحصل بيننا شيء، لا حينها ولا بعدها. لماذا تقاطعيني؟ أجد زوجتي تقول لي في كل مرة: أمي تسلم عليك. شهر ثم شهرين ثم ثلاثة؟ فقط تكتفين بإبلاغ زوجتي سلامك لي. هل أنا سافرت؟ هل أنا مت؟ لماذا لما تأتين بيت العائلة لا تزوريني كما كنت تفعلين في حياة أمي رحمها الله تعالى؟! أنت لا تحبينني، أنت تكذبين علي، أنت تتظاهرين أمام زوجتي أنك تحبينني. أنا أبغضكم جميعا.

هل أنتم أفضل من إخواني؟ سبحان الله! الكل معي بنفس الطباع كأنكم ضباع. لا، بل أنتم شر منهم. لقد اختبرت الناس جميعا وتبين لي أني محق فيما أظن فيّ وفيهم. لا أقول لكم سوى: خيرا تعمل شر تلقى، هذه جمايلكم!

آخر المستجدات:
بتاريخ 12/12/2023 همت أم زوجتي بالسفر إلى العمرة فقالت لي زوجتي: "أمي ترغب في رؤيتك لتسلم عليك قبل أن تذهب إلى العمرة". سكت، وبعد ذلك بثلاثة أيام فاجئتني زوجتني بأن أمها الآن في مجلس شقتي وتريد رؤيتك لتسلم عليك. هنا تغير وجهي واضطربت لأني عاهدت نفسي على مقاطعتهم وفي نفس الوقت لم أكن أريد إحراج زوجتي وأكشف لها الحقيقة فسكتُ، ثم تأخرتُ فجاءت تسأل فقلت لها: لا أريد أن أر أحدا. فتغير وجهها ولم أبالي فأنا لن أذل نفسي بعد اليوم لأناس لا يستحقون مني أي احترام، ولن أتنازل كما كنت أفعل في السابق، لقد حسمت الأمر ولا عودة. فخرجت وكلي غضب من أمها كيف دخلت هكذا بشكل مفاجئ بعد ستة أشهر من هجرانها لي. أنا لست دمية عندكم تأتونني متى ما تشاؤون وتقطعون متى ما تشاؤون، زيارتك المفاجئة هذه رفعت مستوى بغضي لك.

بتاريخ 23/02/2024 دخل ناكر الجميل أخوها صالة بيت العائلة مع أخيه علي يلعبون مع أولاد أخي. شقتى تطل على الصالة. فاجأني ولدي بوجوده هناك فتوترت وسمعت صوته المقزز لا بل اغتظت من درجة وقاحته. فأمسكت نفسي وقلت لن يدخل شقتي ويسأل. لكن الوقاحة فيه يظهر أنها خصلة فيه لا تنفك عنه. قال ولدي لأمه فلان عند الباب يريد يسلم عليك وكان في صالة شقتي بناتي، هنا انفعلت وهممت أن أصرخ في وجه ولدي وأقول له اذهب وأخبر قليل الأدب خالك هذا أن يخرج من هنا وأما أختك فسوف تسلم عليك في بيتك. لكن أمسكت نفسي وحكمت عقلي خوفا على بناتي وإلا سيرى مني ما لم يسمعه مني. أخذت جهاز المحمول ودخلت غرفتي لأكمل عملي. فأدخلوه وأخاه فصاروا يتمازحون ويضحكون أسمع صراخه المقرف المقزز. لم أستطع العمل وكنت أريد أن أخرج من البيت وأبيت في فندق يومين لأنه يبدو أنه لا أحد فيهم يحترم قدري ولا يحترم نفسه. ما هذه الوقاحة؟؟؟ بالأمس أمه واليوم هذا العفن!!! هل يتعمدون إيذائي؟؟ يدخل شقتي ليسلم على زوجتي ويعلم بوجودي هذا الوقح. لكأنما ينطبق عليه نهي النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه) وهذا يقول أريد أسلم على فلانة دون فلان هكذا كأنه يقول. ما أخطأت لما قلت في مدونتي هذه تفوووو عليك. 

بتاريخ 18/03/2024 في الثامن من رمضان أرسل لي العامل المذكور تهنئة برمضان وقد تأخر أسبوعا لكنه ذكرني وأرسل لي. ثلاث سنوات متتالية ما من مناسبة إلا ويرسل لي تهنئة مع أني لا أرد عليه ولا أكلمه. وهذا أخو زوجتي محمد وأمه عشرون سنة أنا معهم في الحلوة والمرة فقط في الآونة الأخيرة لم أرد عليهما مرتين أو ثلاث أو أربع فوجداها فرصة ليتخلصا مني وحجة ليتبرآ مني مع أني كنت أساعدهم وأقدم لهم يد العون وأزورهم ويزوروني عشرين سنة. هكذا يردون الجميل. عبارة كئيبة (لا ترد علينا لا نرد عليك) أنت تريد العزلة ونحن نقدمها لك طبقا من ذهب. فصبر جميل والله المستعان والحمد لله رب العالمين.

مع مثل هذه الشاكلة، كيف لي أن أقف؟

من أشد المواقف التي حصلت معي وسببت لي ضيقا وحزنا عميقين موقف كان قبل ثلاث سنوات مع إمام المسجد الذي لا يفصله عن بيتنا سوى أمتار قليلة. إنه مغترب وفقير أتى إلى بلادنا من أجل كسب رزقه وإطعام أهله. لكن لسوء حظه لم يحصل له ما كان يطمح إليه. فجمع له عدد من فضلاء الحارة راتبا شهريا بالكاد يكفيه وعائلته الصغيرة التي تسكن معه في مسكن الإمام الخاص بالمسجد. وأما أمه وإخوانه فهم في موطنه وحالتهم كما يقول جدا صعبة.
لقد كنت أجلس معه نتكلم في مجالات شتى نتجاذب أطراف الحديث. ولم يكن بيننا إلا المحبة والتقدير والاحترام كما كان يظهر لي. أحيانا كان بعد انتهاء الصلاة يجلس نهاية المسجد منزويا في أحد أركانه. لم أكن أخرج من المسجد حتى أسلم عليه إما بالمصافحة أو بالإشارة لأن حيائي يمنعني إلا أن أفعل ذلك. كنت أشفق عليه فأعطيه مبلغا من المال. وكان أول مبلغ أعطيته كبيرا. كنت إذا رأيته ماشيا وأنا أقود سيارتي آخذه معي وأوصله إلى بيته، وإذا رأيته حزينا مهموما سألته وسرّيت عنه. وإذا رأيته في الشارع بادرته بالسلام. خصصت له جزءا من زكاة مالي لما اكتشفت أن راتبه قليل جدا لا يسد حاجته، وقد كنت أعطيه قبل ذلك.
أمه سقطت فأصابها كسر واحتاجت إلى عملية، كان مهتما جدا لذلك وأراد السفر لترتيبات العملية. كنت أسأله عنها وأتعاطف معه. ذات مرة اتصل بي وقال: "أنا محرج منك جدا وأنت لا تقصر، أنا في ضائقة مالية"، فقلت له: "كم؟"، فذكر المبلغ، فقلت له: "بسيطة"، فذهبت وصرفت له المبلغ، فشكرني وقال: "جزاك الله خيرا"، ثم قلت له وكان يريد السفر: "إذا سافرت واحتجت هناك مبلغا آخر فاتصل بي سأحاول أن أجمعه لك من أخواني". فشكرني. سافر وهناك اتصل بي وكان محرجا مني كالعادة، هو لا يكذب، بالفعل هو في ضائقة مالية. فجمعت له وحولت له المبلغ. ثم رجع من سفره. فيا سحقا! لم يطرق باب بيتي ويقول لي: "جزاك الله خيرا". كنت قد تأكدت أنه لا يقابل الإحسان بالإحسان والاهتمام بالاهتمام والسؤال بالسؤال. كان يتجاهلني، كان لا يسأل مثلما أسأل ولا يبتدئ بالسلام مثلما أفعل. لقد تغيرت نظرتي تجاهه، وقل احترامي له. أنا لا أرضى الدنية، عزة نفسي تأبى ذلك، وأربأ بها عن أن تكون ألعوبة مستغَلّة. إذا كنت مهموما فأنا أيضا مهموم وإذا كنت تحتاج إلى السؤال فأنا كذلك. لماذا تأخذ وتأخذ وتأخذ؟! لماذا لا تريد أن تعطي أو تفكر أن تعطي؟! لماذا تريد أن يكون الاهتمام من طرف واحد؟ هذا غير مقبول بحال. أنا لا أريد منك شيئا غير إلقاء السلام. هل هذا الأمر صعب؟
مر يومان من بعد رجوعه من سفره. هل تظن أني سآتي إليك وأقول لك "الحمد لله على السلامة"! لا وألف لا! كنت حال انتهاء الصلاة أتعمد الخروج سريعا لأختبر معدنه. للأسف لم يكن ليأتي ويشكرني. تكرر الحال أكثر من مرة. لم يأتي ويطرق باب بيتي ولا حتى اتصل! هنا انتهى الأمر.
جاءت المرة الأخيرة، ترك مصلاه مسرعا ناحيتي، فجاءني وأنا خارج المسجد، سلم علي ثم شكرني على المساعدة، فقلت له: "أشكر أخواي فلان وفلان هما الذان ساعداك أنا لم أدفع شيئا" ثم أكملت طريقي إلى بيتي. ما شاء الله! ما شاء الله! ألا ترى أنك تأخرت؟! والصورة قد بانت واتضحت؟! إنني لو لم أصل في المسجد لما طرقت باب بيتي لتشكرني ولا اتصلت بي كما اتصلت حين احتجتني.
بماذا قوبلت من هذا المخلوق؟ ما الإحسان الذي وجدته منه؟ وأي جميل رده إلي؟ الجواب: يمر من أمامي ولا يسلم! يمر بجانبي وهو خارج من مصلاه ولا يسلم! بعد الصلاة أقرأ القرآن في المسجد يراني ولا يسلم! أخذت فترة من الزمن منقطعا عن المسجد ولا آتي إلا إلى صلاة الجمعة، وبعد الصلاة أجلس في الخلف نهاية المسجد أقرأ سورة الكهف وليس في المسجد من المصلين إلا عدد الأصابع، فيقوم هذا يغلق المكيفات والمراوح يراني لا يتنازل ليقدم ويسلم ويسأل عني!
كرهته وكرهت صوته وهو يؤذن أو يقرأ القرآن. فتركت الصلاة في المسجد لأني كلما أسمع صوته أو أرى وجهه أصاب بالغثيان. لم أعد أسلم عليه ولا أسأل عنه، فمثله لا يستحق إلا البصاق في وجهه. كلما أراه أشيح بوجهي. لكن أحيانا وللأسف لا أقدر بسبب دافع الحياء فأسلم. عبرت الأشهر وأنا منقطع عن المسجد وهو على حاله السيء لا يسأل! أما إذا احتاج إلى المال، تذكرني وأسرع بالاتصال بي وعليه آثار المسكنة يقول: "أنا محرج منك"، نعم صدقت! أنت محرج مني لطلب المال لكنك لست محرجا مني لعدم السؤال! كل هذه الأشهر الطويلة من القطيعة ليس فيه شيء من الإحراج!
جاء رمضان الثاني طرقت بابه وأعطيته زكاته الثانية مبتسما، أخذها هو مكفهرا وكأني أنا الذي أشحذ منه. لعل سوءا حصل له داخل بيته قبل أن يخرج إلي أو لعلني أيقظته من نوم عميق كان غارقا فيه. لا بأس! أنا لا أريد أن أعطيك شيئا تراه في وجهي كبرا أو تمننا حتى لا يضيع علي الأجر، إني أظهر لك ما لا أبطن. أما أنت فلم تعتذر في اليوم التالي عن وجهك الكالح حين استلمت الظرف!
جاء رمضان الثالث وهو رمضان الفائت وليس هذا، سألته: "هل لا زلت تحتاج إلى زكاة فأنا لي فترة طويلة لا أعرف عنك شيئا"، فقال وكله أسى: "نعم"، فقلت وأنا أسلم له الظرف: "أنت مسؤول أمام الله تعالى"، ثم ذهبت بسيارتي لمآرب أخرى، ولما عدت إلى البيت، إذا به يناديني وكأنه كان ينتظرني. قلت له: "نعم"، قال: "هل أغضبتك في شيء؟ هل أخطأت في حقك؟"، وأخيرا نطق هذا المخلوق! لقد تذكر شيئا! ثم قال لي: "لقد تغيرتَ علي -يقصدني- قرابة السنتين؟؟"، لاحظوا؟؟؟ يعترف يقول: "قرابة السنتين" سنتان من القطيعة!!! أي صفاقة هذه؟؟ أجاءتك حطام الدنيا لتذكرك بي؟؟!! إذن أين قلبك؟ أين عقلك؟ أين إيمانك؟ أين دينك؟ أين أخلاقك؟ أين إنسانيتك؟ أين ما تعلمته من آيات ربك وأحاديث رسوله التي تلقيها على مسامع الناس؟ ليس شيء من ذلك قرع جرسا أيقظ ضميرك الميت؟!

مع مثل هذه الشاكلة، كيف لي أن أقف!

اعتذر بشدة وحاول أن يقبل رأسي ثم قال حالفا: "إني أدعو لك في صلاتي"، فقلت له: "أنا لا أريد غير إلقاء السلام" ثم عاتبته بقوة وقلت: "كل هذه السنين؟ أنا ما أراك إلا وأسلم عليك وأسأل عنك وعن أهلك، أنا لا أريد بكلامي هذا أن أتمنن عليك لكن المسألة أخلاق" وكان جسمي يقشعر ويرتعش من هذا البوح بهذا الظلم.
سامحته في الظاهر إذ لم أستطع في الباطن. ظللت منقطعا عن المسجد ثم رزقت ببنت بفضل الله تعالى فجاءني يبارك. ما شاء الله! جميل جميل! أبعد خراب مالطا؟
قبل شهرين أو أكثر ماتت أمه التي كنت مهتما بالسؤال عنها، عرفت ذلك ولم أقم بتعزيته، وليقل عني كيف يشاء، إنه لم يعد يعنيني، أنا لا أعرفه وكفى! وحتى هذه اللحظة لا يسأل ولا أسأل!

هكذا الناس .. وللحديث بقية ..

الأربعاء، 19 يونيو 2024

أنا الوحيد

أنا الوحيد الذي ليس له أحد
أنا المريض الذي لا يعوده أحد
أنا المكروب الذي لا يفرج كربه أحد
أنا الحزين الذي لا يخفف عنه أحد
أنا المصاب الذي لا يداويه أحد
أنا المسكين الذي لا يعطيه أحد
أنا المهموم الذي لا يهتم له أحد
أنا المنطو الذي يدوسه كل أحد
أنا الضيف الذي لا يقوم بضيافته أحد
أنا المظلوم الذي يُنصر ظالمه ولا ينصره أحد
أنا الكريم الذي لا يحبه أحد
أنا الموجود الذي لا يفكر فيه أحد
أنا المسجون الذي لا يزوره أحد
أنا الحبيس الذي لا يسأل عنه أحد
أنا الضائع الذي لا يبحث عنه أحد
أنا الفقيد الذي لا يفتقده أحد
أنا الميت الذي لا يدعو له أحد
أنا الأخ الذي لا أخ له
أنا الشقيق الذي لا شقيق له
أنا التوأم الذي لا توأم له

الأحد، 31 مارس 2024

لا يزالون يتنمرون علي

أخواني لا يزالون يتنمرون علي، إنهم يتجاهلونني، لا يقيمون لي وزنا، لا يكلمونني، ولا يسألون عن حالي، ولا يرسلون لي رسائل، فيهم بخل عجيب، هل فيهم أنفة؟ أم لم يجدوا معي لهم مصلحة؟ أم هم مثل غيرهم يكرهون مصاحبتي ولا يطيقون رؤيتي ولا سماع صوتي. إني على وشك حظرهم من هاتفي واحدا واحدا، ولقد حظرت ثنتين من قريب صرحت ذلك في مدونتي، أختي الكبرى وتوأمي، والسبب مكتوب. والآن حضرت كل أخواتي.
كلهم لا يباركون لي برمضان، ولا العيدين، ولا بداية السنة، ولا نهاية السنة. ولكأني غير موجود، ولكأني ميت، ولكأني غريب منذ وعيت. ولا أولادهم يسألون، ولا يطلبون منهم يسلمون علي، ولكأني لم أكن بينهم ولا أخرجهم للعب. باعوني ورموني ولم يعودوا يحتاجون إلي. إني أراهم مثل الناس حولي تماما والله، إني أراهم كزملاء دراسة وعمل، وأراهم كأولاد الحارة عندما يتجاهلونني ويتنمرون علي، لا فرق بينهم أبدا. أيا وجعي قلبي وحزن نفسي ودمعة عيني!
ما أسوأ العيش عندما تجد البؤس داخل البيت وخارج البيت.
أسمعهم يضحكون، أسمع حديثهم فيما بينهم، أسمعهم يلعبون ويستمتعون. أصواتهم سهام تصيب أذني لتصل قلبي فتجرحه. أصواتهم تقلقني ترهبني تضعفني تغتصب راحتي. أهرب إلى غرفتي أغلق بابها أستلقي على سريري وأتغطى بلحافي فتسقط دمعتي ثم تليها دمعتي ثم أبكي فتنهمر دموعي كأنها كانت حبيسة مثلي. لحافي فضائي الواسع أتحرر فيه لأخرج الحزن الذي بداخلي.
قبل نكسة 2022 كنت أخرج إليهم مبتسما وأخفي الحزن والهم والغم واليوم أخفي ذاتي كلها. كنت أفر من رهبة العمل إلى رهبة السكن ليس لي مكان أمان إلا غرفتي. بل أحيانا أهرب من غرفتي من شقتي من منطقتي كلها بعيدا. ومن خبثهم يرسلون خيالهم ليلحق بي. ما أخبثهم!

الجمعة، 19 يناير 2024

وردتان جميلتان

إنني ممتن لهما، وأشكرهما من كل قلبي، ابنتي طاهر أخي، لديه أولاد وبنتان، لا يزورون بيت العائلة في نهاية كل أسبوع وكل المناسبات إلا ولا بد أن يدخلا شقتي ويسلما علي، خمس سنوات تباعا، لا تنقطعان عن زيارتي، تنادياني باسمي من خلف باب شقتي، قصدناك أنت لا غيرك. مرة غبت عنهما أسابيع متوالية، فكتبتا لي رسالة جميلة: جئناك أكثر من مرة ولم نجدك. وردتان جميلتان لا أشواك فيها. هنا نقطة بيضاء في مدونة سوداء، هنا معنى صلة الأرحام، هنا "ليس الواصل بالمُكَافِئِ ، ولكنَّ الواصل الذي إذا قَطعت رحِمه وصَلَها". هنا مدرسة هما أساتذتها والقائمين عليها. مدرسة سقط الكل فيها "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ"

قبلة على رأسيكما، كتب الله لكما الأجر، وأثابكما وأحسن إليكما. إن جفوتماني بعدُ لا سمح الله فأنا مسامح من كل قلبي لا أبالي.

ثم وردة ثالثة جميلة لا رابعة بعدها آلاء بنت أخي الأكبر تمر وتسأل وتعايد وتبارك لا تنسى فلها مني كل الشكر والتقدير والاحترام أسأل الله لك الأجر والتوفيق.

الجمعة، 1 ديسمبر 2023

لا صار أخوك بها الزمن ما يقدرك (مقطع مرئي)

شاعر يصف حالي ...



أختي الكبرى

تكلمت عنها في هذه المدونة وسأغلق ملفها بهذه الصفحة وأتمنى أن لا أفتحه مرة أخرى فقد تمادت في طغيانها.
أذكرها صغيرا، شديدة الحساسية، عصبية المزاج، أنانية الطبع، لا تتفاهم ولا تتفهم، إن ضربت تضرب بلا رحمة، ومن يخالفني في وصفها فشأنه لا أهتم، فأنا أتكلم عما أراه بنفسي وما تصنعه بي، فإني واحد منهم رغم أنفها وأنفهم، فإن كانت توصف تجاه غيري خلاف ما أجده منها تجاهي فهذا أمَرّ وأشنع لأنها بهذا الوصف تجعلني في أسفل سافلين وتجعلهم في أعلى عليين.
كنت صغيرا وكان يحصل شجار بيني وبين أمي أو أحد إخواني فأدافع عن نفسي بضراوة، فتصدني هذه وتكمم فمي بقولها: "اسكت لا تثرثر لماذا أنت ثرثار". تخيل أن تكون متهما وتجد نفسك مظلوما ثم تمتثل أمام قاضي محكمة لتدافع عن نفسك، تنتظر منه إنصافا، يصغي إليك باهتمام, محترما إنسانيتك قبل كل شيء، فإذا بك تجده وبكل برود ولا مبالاة يخرسك ويصفك بالثرثرة والكلام الفارغ. هل لك أن تتخيل؟ فمن يحميك إذا كان القاضي لم يحميك؟ فإن كنت شعرت بضيق شديد وقهر فهكذا أنا كنت. وكانت تضرب بقوة بلا رحمة فهي لا تجيد غير العصبية، غير مهتمة بي، هذا كل ما أذكره من شأنها.
لما كبرت تجاهلت تصرفاتها بل نسيتها. تزوجت وكانت أول من تزوج من العائلة، واستقرت مع زوجها في دولة مجاورة، وكانت تزورنا وكنت أُسعد بزيارتها هي وأختها خصوصا إن لم يرافقهما زوجاهما.
وفي مرة جاءت وأختها مع بناتهن وكنت أحب ابنتها سارة وأمازحها. ذهبوا جميعا مع إخواني الثلاثة في رحلة وأقاموا في فندق ليلة أو ليلتين ثم رجعوا مسرورين ومعهم صور تذكارية. كنت منزويا وهم يتحدثون عن الرحلة ويضحكون ويتذكرون ما كان يحدث لهم من مقالب، شعرت بالوحدة، لم أرهم يهتمون! وتمر الأيام وصرت أشعر أنها تنحاز إلى أخي "عبد" و "عد" لدرجة أنها مرة توجهت بجسمها نحوهما عني، مستمتعة بالحديث معهما، ولم تكن كذلك معي. كانت ترحب بهما أكثر، إنها تحبهما أكثر، وأنا الذي أحتاج إلى الحب والحنان هروبا مما جناه عليّ الزمان. فقررت أن أجاهد نفسي وأكلمها وأتحدث إليها وأضحك معها لعلها تنظر إلي. حاولت كثيرا لكنها أبدا لا تتغير، هي كما هي. يئست، فقررت أعكس أسلوبي لعله ينفع، فصرت أتعمّد تجاهلها، وإذا مررتُ بجانبها لا أُسَلّم عليها ولا أهتم لها ولا أنظر إليها وأصد عنها لعلها تحس بي وتتودد إلي، لكن للأسف هي كما هي لا تتغير، في كلا الحالين لا تتغير، كأنها حجر، ليست من البشر، أو كأني شبح لا أُرى بالبصر. فخلصت إلى أني لا أعني لها شيئا، ووجودي بالنسبة لها كعدمه، لا أجد تفسيرا غير هذا.
مرة رأيتها في حديقة البيت جالسة مع زوجة أخي الأكبر ولم تكن سلمت علي ولا رأتني ولا أرادت أن تراني هذا المشهد ذكرني بأيام المدرسة في جميع مراحلها، كان كل واحد يمسك بصاحبه إلا أنا وحيد حزين مهموم لا أحد يطيق صحبتي. إنها الآن تجسد ذلك المشهد الماضي الأليم أمامي وتذكرني بما كنت أعاني. أنا يا جماعة أتلقى طعنات في الداخل والخارج. فبدأت أكرهها وأحقد عليها.
بعد ذلك حدثت لي معها أحداث ذكرت بعضها في هذه المدونة. ثم حدثت أحداث أخرى منها أنها دخلت شقتي مع ابنتها سلوى بعد وفاة أمي رحمها الله تعالى، يريدان مقابلة زوجتي والحديث معها وليس من أجلي والدليل سيأتي واضحا جليا ستكتشفونها لوحدكم، كانت سلوى تنادي زوجتي من خلف الباب، وكنت في الصالة فأذنت لهما بالدخول، فدخلا فسلما علي وتصافحنا وأنا أرتجف داخليا بحكم الحالة النفسية، ثم جلسا، فأتت زوجتي فجلست، فتحدثوا وأنا كنت حينها أكتب أو أقرأ ولا أطيقها. وبعد دقائق قمت وقلت: "صدعتم راسي أنا رايح غرفتي". فردت هذه: "الله معاك". كأنها تقول: "مش فارقة معانا، هل تظن أني سأقول لك اجلس، فالله معاك". قلت في نفسي: هذه أخلاقك.
أنجبتُ ولدا فبارك لي جميع إخواني إلا هي واكتفت بتهنئة زوجتي كأن زوجتي أختها وأنا زوجها، طبعا! هي قاطعة رحم أو لعلها لا تعتبرني أصلا من الرحم أو لعلها تكافئني: قطيعة بقطيعة، هي لا ترسل لي رسالة تبارك لي برمضان ولا تهنئني بعيد على الإطلاق, أم تريدني أنا الذي أبتدئ على الدوام؟ كلا، لا أفعل ولن أفعل، ولو فعلت لن تبادر أصلا، ولو قطعت ستقطع فورا، لأنها وبكل بساطة لا تعطي لي بالا. الحقيقة قد انكشفت ولا أذل نفسي أكثر مما أنا فيه من ذل، فليس المريض هو من يعود السليم، وليس الأسير هو من يزور الطليق.
ولدت ابنتها سلوى فجاءت مع أولادها فهربت كالعادة في نهاية الأسبوع وسكنت فندقا خوفا من تجمعاتهم الأهلية التي أنا فيها نكرة غير مرغوب فيه لا قيمة لي، هربت من سجنهم لأكون حرا طليقا. وبعد ثلاثة أيام رجعت إلى بيتي متسللا إليه كأني لص يتحسس حوله حذرا وخوفا، من إخواني وصبيانهم، كثيرا ما تنتشر حول بيتي الأشباح المخيفة أعنيهم هم، هكذا انتهى إليه حالي. رجعت من الفندق وهي كما هي لم تسأل عني، عادتها ولا أتوب من نسيان عادتها. لم يحصل لي معها مقابلة إطلاقا كالعادة إلا بعد رجوعي من الفندق لكن ليس في الحقيقة بل في منامي ظهرت لي وهي تتنمر علي، فلم أتمالك نفسي فقد طفح الكيل منها، فما عدت أحتمل السكوت عنها، فقررت أن أتعدى بالضرب عليها، وأخمش وجهها، لأشفي غيظي منها، وأروي حقدي عليها، إلا أنني لم أستطع الوصول إليها، وكانت موشحة بوجهها، غير عابئة بي وأنا شقيقها، فأمسكت حجرا لأضربها به وأوجعها، إلا أن يدي ضعفت، فصار الرمي ضعيفا وسقط الحجر ولم يصبها، وهي صادة عني غير عابئة بما سأفعله، وأمي تنظر وهي ساكتة لا تحرك ساكنا، هنا صرخت وقلت لأمي: لقد آذوني. فبدأت أحكي قصتي بصوت عال وأشكو إليها حالي والظلم الواقع علي ولا أحد منكم يشعر بي، فذكرت بعضا مما هو مكتوب في هذه المدونة، فتأثرت أمي وصارت تتعاطف معي وتهدئني وفي نفس الوقت لا تريد أن تتعرض لأختي ولا تنهرها أو تنصحها، وأختي كما هي غير مهتمة على الرغم من أنها سمعت ما بحت به من معاناتي. ثم التفت وإذا ببنتين من بناتها سارة وأخرى لعلها سيرين وقد سمعتا قصتي ومعاناتي تنظران إليّ بابتسامة مزدرية وعيون منتقصة، فبدل أن تتأثرا وتشفقا علي وتكونا في صفي إذا بهما تسخران مني وتستخفان بي، فشعرت أني فضحت نفسي، فندمت لكوني بحت بما أعاني وأنا لم أمت بعد، فسينتشر خبري بين الناس وأكون طيلة حياتي أشد تعاسة من قبل. فاستيقظت من نومي وحالة الندم تسيطر علي. فلما وعيت حمدت الله تعالى وقررت أن لا أنشر قصتي إلا إن تيقنت من موتي، ولا أدري لماذا أنا مصر على نشر قصتي عند موتي رغم أن الحلم يدل في الظاهر على أن التكتم أفضل؟ سبحان الله كنت سأكتب موضوعا جديدا قبل هذا المنام بفترة طويلة أبين فيه أن هؤلاء لو قرؤوا مدونتي هذه لن يتغير فيهم شيء تجاهي ولن يتأسفوا أو يندموا أو يتأثروا لأني رأيت من طغيانهم ووقاحة تماديهم وتجاهلهم ما يؤكد ذلك.
بعد هذا المنام بيوم أو يومين لا أذكر خرجت مع زوجتي في نزهة، ثم رجعنا، سبقتُ زوجتي إلى شقتي، وأنا في طريقي وجدت في الصالة الكبيرة بجوار شقتي أختي هذه واقفة قبالة وجهي بعيدة ومعها لحاف تطبقه وهي تتحدث إلى سارة وحول سارة أطفالها وهم جلوس على كنب وظهرهم قبالة وجهي وكانوا أقرب لي من أختي، ولحيائي أو ضعفي قلت لسارة وأنا أمشي متجها إلى شقتي: "كيف الحال" فالتفتت سارة إلي وردت. ثم التفت إلى أختي الوقحة فوجدتها لم تنظر إلي، كأني شبح لا تراني، فأخذت هي تكمل حديثها مع ابنتها موشحة بوجهها عني صادة كأني غير ظاهر لها. دخلت شقتي مصدوم كأن الجبال دكت على رأسي من وقاحة فعلها وبشاعة تصرفها. ما هذا الإجرام عند هذه المرأة؟ أي قلب أسود متحجر قاس تملكه هذه المرأة؟ دخلت شقتي وأنا ألعنها دون وعي وتمنيت حينها لو كنت قلت لسارة: "قومي وسلمي على خالك. طبعا لن تقوومي لا أنت ولا ابنتك لأنك تربية هذه الزبالة" فأخفف عن نفسي ثم أتوجه إلى أمها الحقيرة وأصرخ في وجهها ولا أرتاح حتى أعتدي عليها ضربا مبرحا أشفي غليلي منها، هكذا كنت أتمنى من شدة الغيظ. ثم بدأت أدعو الله تعالى عليها أن ينتقم لي منها وأكرر. هل هذا تأويل رؤياي يتحقق بعد يوم أو يومين؟ لقد قطعت بملئ إرادتك رحما بيننا، أنت تعاندين إذن، أنت تكابربن، لقد تماديت في غيك وطغيانك، فإني أشكوك إلى الله تعالى، أنا خصيمك يوم القيامة، أنا خصيمك يوم القيامة، أنا خصيمك يوم القيامة.
كنت قبل هذا اليوم أطلب من الله تعالى أن يجعل دعائي على إخواني رحمة لهم لأني كنت بحكم القهر والظلم أشتمهم وأدعوا عليهم، وأما اليوم فلا، هذا دعائي خالص، أنا خصيمك يا لولو يوم القيامة.
لما رجع وعيي وسكن غضبي، ابتسمت وفرحت حيث شعرت أني حر طليق لدرجة أني أخذت حريتي في البيت وأتكلم بصوت عال بعد أن كنت أخاف أن يسمعوا صوتي فيحركهم حنين الأخوة وصلة الرحم فيزوروني فأقع في خوف الرهاب الاجتماعي. أنا في الحقيفة مغفل لا أملك الشجاعة التي تملكها هذه الحقيرة. 

آخر المستجدات:
بعد أكثر من أسبوع وبينما أنا في صالة شقتي مع ابني أحمد نتناقش حول درجاته في الكلية المعروضة على الموقع الإلكتروني إذا بأختي التوأم تستأذن في الدخول فردتت عليها بصوت عال حتى تسمعني قائلا: "لا تدخلي! أنا مشغول". لكنها بعد دقيقة دخلت والله المستعان. فسلمت علي ومدت يدها فصافحتها باشمئزاز، فجلست ثم ناديت زوجتي قائلا: ؟تعالي انظري لهذه ماذا تريد". لم أستطع إكمال الحديث مع ابني لخصوصية الموضوع، فذهبت أشغل نفسي بالتصفح في مواقع أخرى وجلست زوجتي معها، وبعد قليل سمعت سيئة الذكر الأخت الكبرى تقترب من شقتي حتى فتحت الباب دون استئذان، فبدأت بالسلام قبل أن تدخل الصالة، فأسرعت بإغلاق الحاسوب وحملت نفسي وذهبت إلى غرفتي حتى لا أراها ولا تراني، ثم أغلقت الباب خلفي وأنا عزيز نفس، لا يهمني أمرها، حينها شعرت بكبرياء وعزة وراحة وحرية. لم تمر خمس دقائق إلا وقد وصلتني ثلاثة تنبيهات متتالية على هاتفي، ظننتها من أختي التوأم لكني حاولت أتحايل على نفسي وأقول: "ليست منها لأنهم لا يهتمون بي أصلا، هذي رسائل دعائية لشركات" لكن بقايا من سذاجة لا تزال تحاول السيطرة على تفكيري جعلتني أتخيل أن فعلتي تلك ستحرك شيئا من مشاعرهم نحوي وتجعلهم يتعاطفون معي ويعيدون النظر في أمري. صليت فرض العشاء  بكل هدوء لا أهتم لأمرهم ولا لتلك الرسائل وأحاول أخدع نفسي وأقول إنها ليست إلا رسائل دعائية، فلما انتهيت من الصلاة طالعت الهاتف فوجدت الرسائل مرسلة من ابني يتحدث فيها عن الكلية، لم أنصدم وقلت لنفسي: "أرأيت؟ لا يهتمون بك، وأما بقايا سذاجتك بحول الله لا بد أن تزول". بعد ساعة وربع الساعة أرسلت أختي التوأم رسالة ما كنت أريد أن أقرأها لولا أول كلمتين من الرسالة سقطت عيناي عليهما وهي "سبحان الله" هنا شدني الفضول لقراءة الرسالة كاملة فقد شعرت أنها تحوي أمرا خطيرا ستنهي علاقتي بها وتلحق بتلك. كتبتْ بالحرف الواحد: "سبحان الله ما عرفت تقوم من الغرفة إلا لما دخلت لولو!! قاعده أفكر شو بيقول أحمد من ها الحركة. ويا خوفي يتعلم منك ويسويها من يكبر بفلانه وفلانه" ذكرت أسماء أخواته. لو كانت هذه التوأم في صفي تهتم لي لقالت "خير يا فلان ليش خرجت هل لولو زعلتك؟ أكيد هناك شيء بينك وبينها" فلا تكتفي تسمع من طرف واحد وتتجاهلني. لكن لما كانت رسالتها قد بدأت بالتسبيح فقد أكدت حدسي القديم فأعطتني مناعة قوية صلبة لأن أهجرهم في راحة نفسية بحجة واضحة جلية تثبت أنهم هم الذين قطعوا حبل الوصل ولست أنا أرفعه مقطوعا إلى السماء. ولقد كنت على وشك الرد عليها وأنا في غضب حزين وأكتب لها: "تمام .. ولا تدخلي أنت الأخرى شقتي إذا أنا موجود فيها" لكني فكرت بعقل ولم أستعجل فأندم وأفتح بابا من الثرثرة، فلو رددت عليها ستصر على رأيها ولن تفهمني لأني أعرفهم جيدا، فأنا الذي على خطأ وأنا علي الطاعة والاحترام، وكيف لا؟! ورسالتها كافية وافية، علاوة على أني لا أريد أن أبوح بسري حتى أموت. قمت بحظرها من هاتفي فورا لأن صوتها صار نشازا لا أطيقه وأي كلام منها لا أحتمله. أمَا لو سكتت عني كما تفعل أخواتها كان أفضل لي ولها للحكمة التي تقول "قل خيرا أو اصمت"، مع أن كلا الحالين شر وأحلاهما مر ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبعد أن هدأت نفسي أتذكر رسالتها وأضحك بشكل هستيري وإذا تعمقت فيها ضحكت أكثر وأكثر. رسالتها هذه تستحق أن أكتب فيها موضوعا مستقلا وسيحصل إن شاء الله قريبا. الرسالة تحمل حقائق خطيرة جدا.

وبعد أسبوع تقريبا نادت ابنتي أمها وأنا جالس في غرفتي تقول: "عمتي لولو لابسه عبايا تريد تسلم عليكي ستسافر" وأنا أضحك ساخرا منها  زوجتي أختها وأنا زوجها ههههههه. لست أخاهم ههههه. عندها أنفة وعزة نفس عجيبة ههههههه. وأختها خديجة جاءت نفس الشهر وغادرت ولم تكلمني ولم تطلب رؤيتي على الأقل من أجل الأخوة وصلة الرحم. هل فعلت معها شيئا كما فعلت مع سيئة الذكر؟ كلا! فلا تتحججوا وتملؤوا بطونكم بالكذب وتدعون أن تصرفاتي هي السبب.

أنبه على شيء مهم وهو أنها أو غيرها إذا مرت في طفولتها بأمر مزعج ومواقف سيئة مثلي فالمفروض حين تكبر تشعر بالآخرين، وتلين لهم، وتشفق عليهم، لا تحب أن يعيشوا مثلما هي عاشت، تسارع في الاعتذار لتستحق مني الاحترام والتقدير. أما أن تصدر أخلاقا سيئة عوملت بها فلا، لا أعذرها قد يعذرها غيري فهو قد لا يبالي أما أنا فلا. حالتي لا تسمح لي أن أعذرها. ها أنا ذا ما من موقف إلا وأُهنت فيه، قد تعرضت للتنمر من كل الجهات ومع هذا أشعر بالآخرين ولا أريد أن يحصل لهم مثلما يحصل لي، لذلك إن غضبت لموقف تحسست منه، وبدا مني خلقا سيئا لا أصر عليه وأنتقم لنفسي بل أنا ولله الحمد سريع الاعتذار ولو لم أكن أنا المخطئ، متعاطف مع الآخرين، رحيم بهم.

الاثنين، 30 يناير 2023

ما الذي فيّ حتى يقاطعني إخواني؟

جاءت أختاي وبناتهن المقيمات خارج البلاد جاؤوا إلى بيتنا ليوم واحد. في هذه الفترة حبست نفسي في غرفتي وتظاهرت بالنوم إذ لم أستطع أن أبقى في صالة شقتي حتى لا يدخلوا علي فجأة ويسلموا لأني أرتعد من الزيارات . لكنهم رجعوا مسافرين إلى محل إقامتهم ولم يزوروني ولا اتصلوا. عاتبت نفسي بعدها وقلت تخاف من زيارتهم لك حتى أنك لم تشعر بالأمان وأنت في شقتك! ها هم لم يتصلوا بك ولا دخلوا عليك ولا زاروك في شقتك! إلى متى تخاف ولا تشعر بالأمان وأنت في شقتك؟!
اسمع! لا تهتم لهم مرة أخرى وإذا أرادوا الدخول ولن يفعلوا فامنعهم فورا، هم لا يستحقون منك كل هذا الخوف والاهتمام. انتهى كل شيء اضرب بيد من حديد ولا تخف. أنت حر في شقتك، شقتك أمان لك. إذا أرادوا الدخول امنعهم وقل لهم "ما أريد أشوف أحد" واطردهم خارجا رغما عن أنوفهم. انتهى الذي بينك وبينهم. ولا تقلق لن يحدث ما تخاف منه لن يزوروك ولن يتصلوا بك، اطمئن!

قعدت مع نفسي أفكر في الذي حصل وتساءلت: ما الذي فيّ يجعل هؤلاء لا يتواصلون معي؟
سنة كاملة لم أر أحدا منهم ولا رأوني ولا كلمتهم ولا كلموني. ألهذه الدرجة أنت رخيص وضيع لا قيمة لك؟! لا تجد أحدا في هذا العالم يتعاطف معك ويصبر عليك ويتحملك.

ماذا فعلت لهذا العالم حتى أجد منه كل هذا التجاهل والتجافي؟ لا أجد من أحد تعاطفا ولا حنانا ولا حضنا ولا أمانا؟ انهارت شخصيتي وضعفت. شاب شعري وظللت كالطفل المرعوب. ازداد الخوف عندي حتى كأني أتخيل الناس تنتظر مني كلمة لتعنفني أو تضحك علي أو تسخر مني ثم لا أجد بعدها من يحميني منهم ويدافع عني. هل أنا لهذه الدرجة ذميم منبوذ لا أطاق؟

ما دام أقرب الناس إليّ هكذا يفعلون بي فهل ألوم غيرهم؟! كرهت الناس كرهت نفسي كرهت العالم، ما عدت أطيق أحد.

قديما كلما افتقدت أخواني وأحببت الرجوع إليهم فعلت وجلست معهم وتحملت الخوف الذي ينتابني واستمررت على ذلك عقودا من الزمن ثم لما تركتهم لم أجد لهم حسا. واليوم كلما أحسست بفقدهم ألزمت نفسي أن لا أرجع إليهم لأن حقيقتهم قد بانت لي. نعم! ما دمت لا أستحق منهم الاهتمام فلابد أن أعاملهم بالمثل. كم حاولت أن أتقرب إليهم رغم معاناتي ثم بغمضة عين تبرؤوا مني. أنا ما عدت أطيقهم. أنا أبغضهم إلا واحدا.

السبت، 19 نوفمبر 2022

وصيتي عند دفني

أوصي إن أنا مت أن لا يحضر جنازتي أحد من أخواني ولا من أقاربي ولا يزور قبري منهم أحد غير أخي (عد) وفاطمة ولولو بنات أخي (ط) وآلاء بنت أخي (م). فإني أشكو إخواني إلى الله. فقد قطعوا رحما حتى شككت هل أنا أخوهم أم دخيل بينهم؟
ولا يصلي علي غير صديقي عبدالهادي فإن لم يستطع فجارنا ( محمد أبوعبدالعزيز ) فإن لم يستطع فالشيخ عمار وإن لم يستطع فأخي (عد) وإن لم يستطع فأي أحد من غير أقاربي ومعارفي .

الأربعاء، 5 مايو 2021

أعراض ‏(2)

شدة بطء الاستجابة والرد على الاخر. دماغي يحتاج لوقت طويل جدا للرد. وربما لا أستطيع الرد. وإذا رديت يكون ردي غير متزن. وأتعب بشدة.

لما أقرا مقالة أحيانا كثيرة ينقطع دماغي عن العمل وأقرأ كأني أتهجأ الكلمات. سواء منذ بداية المقالة أو في وسطها. ونفس الشي لما أكون في حديث مع أحد أو أسمع محاضرة. أكون في عالم آخر أفهم الكلمات لكن لا أفهم الجمل والمعنى والمغزى.

دائما ما أحس بالملل والضيق من التواصل مع الناس. أحس بشكل شبه دائم بأن دماغي تعبان لا يعمل.

لما أتكلم أحس بصعوبة في الكلام. عندي مشكلة كبيرة في التعبير. ومشكلة في الحديث مع أي أحد.

دائما لما أحمل بنتي عمرها سنتين في بلكونة يجي لي دافع أن أرميها وأتلذذ برميها. أريد أراها ورأسها ينفجر.

أعراض ‏(1)

الشعور بالنقص والذل وحتى لو تظاهرت العكس فالوضع لا يساعد لأني:

لا أستطيع التأقلم مع الناس أشعر بأني في عالم لا يناسبني.

دماغي وعاء ضيق لا يستقبل إلا القليل من الكلام ثم يبدأ في الانفصال عن الواقع فيطلب من المتكلم إعادة الكلام.

ثم إذا أردت متابعة كلامه بأمر في بالي لا أستطيع أحس بتعب في فمي كأنه ينفث عدا أني لا أحسن التعبير ولا إطلاق الجمل.

عندما أتكلم مع نفسي لوحدي في أي موضوع فأجد لساني ثقيلا كأنه كسول لا يريد أن يعمل.

أفكاري مشوشة متشابكة ومرات أشعر بخواء وفراغ. إذا حاولت أتذكر شيئا أقوله تصادفني الهموم والشعور بالعزلة ونكران الناس فأحجم عن ذلك.

أشعر أن دماغي لا يعمل بشكل جيد دماغي مشلول مقفل لا يستوعب إلا أشياء بسيطة.

لا أعرف أشرح أي موضوع أفكاري متشابكة مبعثرة لا أعرف ترتيب الكلام وتنظيم الأفكار علاوة على صعوبة النطق وعجز اللسان.

لذلك آثر السكوت ولا أحب التحدث فإذا تطلب الأمر أرتبك وأتوتر.

أخاف الأسئلة الموجهة لي لأسباب منها أني لا أستطيع الرد بسرعة وأحس أن دماغي بطيء الاستجابة. وأخشى التنمر والسخرية بنسبة عالية. أنا لا أثق بأحد.

آخذ المعلومات بطريقة سطحية مختصرة.

وعند القراءة لا أستوعب خصوصا إذا كان الموضوع لا يشدني.

لا أستطيع الجلوس مع الناس دماغي ينفصل عنهم أحس أني جسد بلا روح لا استطيع التواصل.

أتذكر عندما كنت أحمل ابنتي وأنا على بلكونة في الطابق العلوي يأتيني شعور بأن أرميها من البلكونة وأتلذذ برميها. كان شعور مخيف جدا.

الخميس، 7 يناير 2021

الناس ‏تمل ‏منك ‏كثر ما ‏شافتك ‏حزين (مقطع مرئي)

ترى فيه ناس تمل كثر ما شافتك حزين
تمل منك ما راح توقف وياك



السبت، 19 ديسمبر 2020

الكل ‏بدون ‏إحساس

أخيرا انصدمت بتجاهل من أعرفهم.
أخيرا اكتشفت معادن هؤلاء البشر.
وأخيرا عرفت مكانتي عندهم .
لا حول ولا قوة إلا بالله.

يأتي زوج أختي من بلاده وهي معه وجلسا في غرفة في بيتنا . سلمت عليه مرة واحدة أول أيام مجيئه ثم قطعت الجميع . ثم بعد ثلاثة أسابيع غادر .
ولا سأل وينك يا فلان؟ ما شفناك؟ تعال ندردش مع بعض؟
...
شو يا ابراهيم؟
وين أيام العيش والملح!
هل تغيرت أم أنا تغيرت؟
ما فيه سؤال عني؟
ما في جلسة شاي أنا وإياك بس ساعة مراعاة لي؟
جلسة أخوة ومحبة؟ ترى أنا مثل أخوك.
والا ما مني فايده؟ صرت تتملص مني؟
ويوم عرفت إني منزوي طنشتني؟
والا ايش بالضبط؟
ما أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل.

لكن قلتها من قبل: إذا إخواني ما يسألون عني، تريد هذيلا يسألون عنك؟

والا الثاني إمام مسجدنا اللي ما قصرت معاه في شيء كنت أدعمه ماديا ومعنويا. مرت سنتين ولا حتى سأل عني؟ مجرد سؤال؟ بس يكفي تقول كيف حالك.
غلطنا في حقك؟ طيب غلطنا خلاص تقوم تنسى كل شي سويته معاك محيته من الذاكرة !
على اساس لو ما غلطت كنت ذكرتني وجيت تسأل. ما دريت عني ولا اهتميت. زوجتك ذكرت زوجتي بالأمس وانت خبر خير . يا حسافة! يا قهراه!
لا تظن ساعدتك علشان نفسي لكن الزمن يصدمني بمفاجآت.

أما الاختين فأنا غاسل ايدي منهم.

والله حاله !!

الحين أنا المسكين اللي آذيتوه ودمرتوه وما خليتوه يدافع عن نفسه ولا شفتوا العيشه الزفته اللي هو فيها ولا راعيتو وحدته ولا وحشته.
المطلوب مني شو؟ 
يعني إذا كان في أنا خصلة سيئة من وين جايه؟
مش من حولي مش من النفسيه التعيسة مش من ذا البلا ؟

والله حالة تجيب الجنون. الأمر زاد سوء. ما عدت أتحمل.

كلمة طيبة!! أبدا .. بخل .. يستكبرون حتى على الكلمة الطيبة.
كلمة طيبة لو كنت أسمعها باستمرار ترمونها رمي ما كان وصل حالي إلى ما وصلت إليه اليوم.

أنا أكره نفسي لا أطيقها.
أنا أكرهكم.
أنا أكره من حولي.
أكره نظرات الناس.
أكره التحدث إلى الناس.
أكره أن أستمع لكم ولهم.

كلكم أصحاب مصالح. ما تقدمون الخير إلا حسب مزاجكم.

بس ليش كل الناس ضدي؟؟
هل فيني شي مقزز؟ أو سخيف؟ أو تافه؟ أو عادة منفرة؟
طيب سلمنا .. هذا بسبب ما كنت أعانيه وأنا صغير وانعكاس للتنمر اللي كان يحصل معي ومستمر حتى الآن.

أخواني!! أنتم بتحاسبوني على طبعي. ما كفاكم تكميم صوتي وأنا أصارخ أريد أدافع عن نفسي يوم كنت صغير؟ تقولون عني ثرثار!
ولا سألتو ليش أنا حالتي كذا!
ولما ازدادت الوحدة عندي وانا صغير وأكبر وتكبر معي الوحدة .. خبر خير .. والله ولا حتى ساعدتوني .. ولا طيبتو خاطري .. لا إلا وتدمروني بتجاهلكم لي 

واليوم .. أبد .. كأني غريب .. تحصيل حاصل ..






الجمعة، 31 يوليو 2020

كرهتهما ‏كرها ‏أبديا

فقد زاد الأمر عن حده .. ما عدت أطيق الثنتين .
أحكي لكم القصة .. حدثت قبل سنتين .. جلستا مع أمي فجئتهما. كما ترون .. ها أنا أصل الرحم .. إني أتعب .. إني أجاهد .. وأنتم تعلمون ذلك .. وهم لا يشعرون ..
تكلمنا .. فجاء ولدي ودخل .. وكنت أحضه ليسلم عليهما .. قالوا له لماذا لا تسلم علينا أنت مثل أبيك .. سخرية .. مسكت نفسي .. فسلم ابني ثم خرج .. وأنا أملك أعصابي .. فذكرت إحداهما قصة حصلت قديما كنت صغيرا .. فقد كنت أرفض أن أتعلم السياقة .. سياقة السيارة .. لأني أخاف .. ذكرهما للقصة أشعرني بأنها يتقصدان السخرية .. لكن عن حسن نية .. زاد ألمي .. كلما ذكروني بالماضي كلما ازداد خوفي .. وأنا أصلا لم أكن أشعر بالارتياح عند جلوسي معهما .. قلت لهما وأنا منزعج .. وواضح من ملامح وجهي أني منزعج .. قلت لهما أغلقا وغيرا الموضوع .. سخرا مني .. السخرية عادية .. هكذا يقال .. "لا تكبرها يا فلان وهي صغيرة" .. "مشيها" .. كررت للمرة الثانية قلت لهما: رجاء أغلقا وغيرا الموضوع. هل أخطأت في شيء؟؟؟ .. لكن لا فائدة .. إنهما كالأنعام بل أضل .. فصرخت في وجهيهما وذهبت .. لقد فعلت الحكمة .. لقد طلبت منهما بكل هدوء التوقف .. ومسكت نفسي .. الثانية ثم الثالثة .. لكن لا فائدة .. 
إذن لا تلوموني .. خرجت متوترا جدا فكلمت إحداهما بعد ذلك واسمها (خ) عن طريق الرسائل الخاصة .. وقلت لها .. أحذرك أن تتحدثي عني في حضرة ابني .. وهددتها إياك أن تتكلمي عن تاريخي .. 
لقد فجعت وأظهرت البراءة .. قالت أنا لا أعرف .. وهي صادقة .. إنها بلهاء بليدة غبية .. هؤلاء من بلادتهم لا يشعرون بالآخر .. لقد بكت وتأثرت .. فاختلج في نفسي أنها عقلت وعرفت من أنا وكيف أنا .
خرجت بالسيارة من جو البيت الكئيب .. أكلم نفسي .. نفسي هي الشيء الوحيد الذي أبث إليه همومي . فلما هدأت رجعت إلى البيت.
وفي اليوم التالي .. حن قلبي لأختي (خ) ولان لها .. فبحثت عنها .. فوجدتها في غرفة .. فدخلت عليها .. فإذا هي جالسة في مصلاها بعد أن انتهت من فرضها .. فحضنتها وأنا وراءها .. ودمعت أنا ودمعت هي في ظلمة الغرفة .. وتصافت القلوب .. هكذا أنا أظن .. قلت لها أنا لا أحب كذا وكذا .. وكشفت لها عما في نفسي ..

انتهى الامر على ما يرام .. ثم .. رجعت هي وأختها الى البلد الذي تسكنان فيه.

بعد مرور سنة .. رجعت هي وأختها مرة أخرى .. كان ذلك قبل العيد .. سلمت عليهما .. الأمر "سمن على عسل" ..

بعد يومين أو ثلاث .. عرفت أنها ترغب بالذهاب إلى السوق لتشتري لابنتها فستان العيد ولم يكن أحد من إخواني متفرغ لذلك .. فقلت لها سنذهب سويا إلى السوق .. وأترك أشغالي .. فذهبنا ثم رجعنا .. ثم بعد يومين .. طلبت منها لتذهب معي برفقة زوجتي إلى السوق مرة أخرى .. سأضرب صفحا عما كان منها .. كانت الأمور طيبة .. وجد وضحك ومزح ..

جاء أخوالي زائرين .. ازداد خوفي فأنا لا أحب الزيارات والاجتماعات .. لكن ما باليد حيلة .. أرتجف وأخاف وأجلس وأنا مقاوم صابر محتسب .. يعرف المعاناة من كان في مثل حالتي .. أجلس معهم ساعة وأتركهم يوما أو يومين بحجة أني أعود من العمل مرهقا.

لحسن الحظ .. صارت مشادة بيني وبين أمي بخصوص الضيوف .. لماذا لا تجلس مع أخوالك كيف تجلس في غرفتك مثل "الحرمة" هنا صعقت ذكرتني بالذي كان يعيرني قدام أولاد الحارة بصوت عالي ((يا الحرمه)) في كل مرة يراني .. لكن مسكت نفسي وتحملت .. وعادت تكرر لا تسكت ولا تفهم  ..  لم أتمالك نفسي .. فقمت غاضبا وصرخت قائلا لها: لن تريني ولا يراني أخوانك وأخواني بعد اليوم .. وقطعت عنهم جميعا وسجنت نفسي في شقتي في نفس الفيلا الكبيرة .. وتتصل ولا أرد عليها .. إلى أن غادر الضيوف بعد أسبوع أو أكثر لا أتذكر ولا أريد أن أتذكر .. قرصة تعلمت منها أمي .. ولكنها تعود لكن بشكل أقل حتى يئست بالمرة .. 

لماذا قلت لحسن الحظ ؟ ستعرفون بعد قليل .. 

أسبوع وأنا منقطع عن الجميع ..

جاء العيد ورحل .. بمره ومره .. لا حلو فيه ..

الأخت (خ) ما ذكرتني .. ولا زارتني .. ولا اتصلت بي .. ولا أرسلت لي حتى رسالة على الخاص بالمعايدة .. ولا قالت .. سأصل رحمي .. ولا قالت لقد ساعدني .. وتكرم بأخذي إلى السوق مرتين .. ولا ما كان بيننا من أنس وود .. ولا تذكرت ما حصل في السنة الماضية وجئتها مستسمحا بنفسي مع أنها المخطئة .. أنا الذي بدأت بالاعتذار ونسيان ما كان .. كل ذلك داست عليه (( بكل براءة )) ..

جاء العيد الكبير عيد الأضحى .. والأمر على حاله .. لا سلام ولا كلام .. هل أنا مت وأنا لا أدري ؟؟ هل أنا مفقود ويئسوا من البحث عني ؟؟
 
أف لكما .. إني أبغضكما .. وسأظل أبغضكما ..

لقد سافرتا .. ولم تودعاني .. ولم تسلما علي .. 

كانت أختها (ل) تدخل شقتي .. وتستخدم آلة الخياطة في غرفة من غرف شقتي .. تدخل وتخرج .. وأنا كنت موجود في غرفة النوم !!!

تقول لي زوجتي إنهما تسألان عنك .. أأضحك أم أبكي؟؟ ألهذه الدرجة أنا رخيص عندهما؟؟ ما رأيت وقاحة مثل هذه!!! .. يسألان عني عن طريق زوجتي!!! هل أنا أخوهما أم ابن عمهما؟؟ لو كانتا حقا تسألان عني لاتصلا بي أو على الأقل ترسلان لي رسالة خاصة عبر الجوال .. لكن لا قيمة لي عندهما .. هما غير مهتمتين بي ولي .. فلماذا أنا أهتم بهما ولهما؟! .. من أنتما؟؟ أأقضي بقية عمري أتذلل لكما؟؟ طز فيكما .. كغيركما من وجوه العالم البغيض ..  نعم .. الآن .. لقد وجبت .. من الآن فلن ترياني ولن أراكما ولا أريدكما .. ولا يشرفني كما لا يشرفكما .. منكم ومني .. اقطعوا رحما .. وعند الله عذري فما عذركما ..

ووقاحة منهما .. لم تكتفيا بذلك .. بل رجعا بعد أسبوعين أو ثلاثة .. وجلسا يومين ثم رجعا .. ولا سألا عني كأني غير موجود في هذه الدنيا ..

انتهت القصة .. ذكرهما يصيبني بالغثيان ..



 

الجمعة، 24 أغسطس 2018

لقد صدمت اليوم

شيء فظيع لا أكاد أصدقه. صهري جاء من بلاده. حافظ للقرآن. كان يخطب في المسجد. أخلاقه طيبة. حان وقت الغداء في يوم العيد. كان نائما فاستيقظ. وقد سبقناه إلى الغداء وكنا مجموعة من إخواني وأولادهم فصادف أن كنت وحدي في صحن لاربعة أشخاص وكانت سفرة طويلة عليها أربعة صحون وما بقي إلا الصحن الذي آكل منه وحدي في طرف السفرة وفي العادة يكون للضيف. فجاء الصهر وسلم وجاء حتى انحاز وضايق الجماعة ليأكل معهم. هل انعدم الذوق والحياء عندك أم ضاقت عليك الدنيا بما رحبت. أما كان عليك أن تجلس وتأكل معي إذ وجدت على كل صحن اثنين. هل ترضاها لنفسك؟ ما هذا الدين الذي تتعبدون به؟
كنت عازما كالعادة أن أهرب من اجتماع العيد قبل المغرب ولكن من شدة الألم والحزن والقهر خرجت قبل العصر.
موقف ذكرني بما كان قد حدث لي أيام الجامعة قبل عشرين سنة في مطعم جلست على طاولة وحدي وبجانبي طاولة عليها رفقة من معارفي فيأتي آخرون منهم أعرفهم ويعرفوني فيسلمون فقط ويتكلمون معي كلمتين ليغطوا على قلة حيائهم بغربال - ربما - ليتحاشوا أن يجلسوا معي. وواحد منهم أخلاقه طيبة متدين وأفضل منهم قد سبقنا. أين حياؤك أنت الآخر؟؟؟ أما وجدتني وحدي وأنت تعرفني جيدا ونتكلم كثيرا في أمور الدين والدنيا أما سحبت صحنك وجلست معي لما وجدت من معك لا يجيدون فن المعاملة. ما أيقظك حياؤك أن تقول هذا المسكين لوحده سأجلس معه وأتحمله. أما علمتك أخلاق محمد صلى الله عليه وسلم الذي تتظاهر بحبه!

هل أنا مبغوض في السماء؟ أم ابتلاء من رب الأرض والسماء؟
أنا أكره نفسي وأكره الناس. أحب أن أكون وحدي مختل بنفسي. لا أريد أحدا ولا أريد أن أسمع من أحد. ما أحلى الوحدة ما أحلى العزلة. لكني لا أحب الوحدة لا أحب العزلة . أنا بين نارين . لا أعرف لا أفهم . أنا ضائع أنا تائه .

الأحد، 18 سبتمبر 2016

لم أجد صديقا في حياتي!

ما وجدت في حياتي كلها صديقا، أيا كانت هذه الصداقة. في مصلحة أو في غير مصلحة، في خارج المنزل أو داخله.
قليل من الناس يتقربون مني لكني صرت أبتعد عنهم.
أبتعد عنهم لأنهم لا يخرجون عن أحد صنفين:
إما حقير بذيء،
أو أني لا أصلح لأن يتقرب إلي أحد.
لا أصلح لأن يتقرب إلي أحد لأني جربت واقتربت لكثيرين لكنهم مع الأسف لا يستمرون. سرعان ما يقطعون علاقاتهم بي. أنا لا أصلح أن أكون صديقا لأحد. عندي ضعف في التواصل مع الناس. أنا فاشل. تكويني شاذ عنهم. هروبهم مني يشعرني أنهم يكرهوني!
ومنهم من يقول هذا "فضيحة" هذا "يفشل".
أنا لا أصلح لأن أكون صديقا لأحد. كتب الله علي ذلك. هذه هي الحقيقة.
أرجوكم لا تقولوا لي إني واهم. أنا لست واهما. أنا إنسان عاقل مدرك تماما لما أقول. وهذه تجارب سنين طويلة. لماذا لا تصدقوني؟؟!!
ابتعادي عن الحقير بذي اللسان سيء الأخلاق أمر طبيعي في نظركم أليس كذلك؟؟ طيب أنا على نفس مستوى هذا الحقير. ايش معنى قبلتم بابتعاد الناس عن الحقراء ولم تقبلوا بابتعداهم عني؟!
هذا شأنهم، هذه حياتهم، وهم أحرار، لا لوم عليهم. لكن اللوم كل اللوم على إخواني وأخواتي.
اللوم كل اللوم عليهم
اللوم كل اللوم عليهم
اللوم كل اللوم عليهم
اللوم كل اللوم عليهم
اللوم كل البوم عليهم
بدل أن يؤنسوا وحشتي، 
بدل أن يخففوا عني،
بدل أن يعوضوني ما افتقدته سنين عمري.
أجدهم غير مبالين.
"كانوا صغارا يا صديقي"
بل كان منهم كبار ولم يفعلوا.
ولو سلمنا، ها هم كبروا وشاخوا.

فحسبي الله ونعم الوكيل.

الجمعة، 10 يونيو 2016

جلسة ‏نفسية ‏مع ‏دكتور ‏(2)

في اليوم التالي وهو اليوم السابع. جلست عند الدكتور الذي أحالتني عليه التي قبله. مسك ورقة وقلم وقال بهدوء ما الذي تعاني منه؟ هنا صدمت! هل يمزح هذا أم ماذا؟ قلت له ألم تخبرك الدكتورة فلانة؟ قال لا. لا حول ولا قوة إلا بالله. قلت له: هي قالت أنها أخبرتك حتى لا أعيد مشكلتي من جديد. قال: لا لم تخبرني. على كل حال، أحب أن أسمع المشكلة منك. قلت له: أمري إلى الله تعالى. بدأت أعيد له باختصار وأنا "نفسي مسدودة" من الإعادة. وهو يكتب ويسجل الملاحظات. ما شاء الله تعالى. مجتهد وأفضل من تلك. إنه يشعرني أنه مهتم شعرت ببصيص أمل. يسألني وأنا أجيب وأزيد. انتهت الجلسة كانت ساعة واحدة كما هي العادة. إني أخسر المال إذن.
خرجنا من الغرفة وذهبنا سويا إلى قسم الاستقبال لتسجيل المواعيد. قال للموظفة: سجلي موعدا كل أسبوع. قلت له: أريده مرتين كل أسبوع. قال بلهجة الواثق: لا عليك سأعطيك كمّا هائلة من الواجبات والمهمات - وأشار بيديه إشارة تدل على حجم هذه المهمات. تفاءلت خيرا فأنا أحب هذا الاهتمام. لكن للأسف هو فيما قاله غير صادق تسع جلسات لم أر منه شيئا.
كنت أحاول الاتصال به لكن للأسف لا يرفع سماعة هاتفه. أرسلت له رسالة خاصة وللأسف لا يرد. حسبي الله ونعم الوكيل. نسيت أن أخبره لماذا لا ترد! لكن الجواب معروف طبعا. مشغول والاتصالات كثيرة.
في اليوم التالي أعيد نفس المنوال وهو يكتب ويسجل الملاحظات. يتكلم بهدوء تام ويشرح لي بعض الأشياء وأنا أستمع إليه. أحسست مع مرور الوقت أنه لا يستفيد من هذا الذي يكتبه فقط يتظاهر أنه مهتم.
في أحد الجلسات طلب مني أن أتكلم في أي موضوع. هذه الأشياء تربكني. فعلا لقد ارتبكت ليس عندي موضوع أتكلم فيه. أنا أجهل كل شيء. حتى في عملي لا أعرف ما يحدث حولي. صارحت له بذلك. شرحت له سبب ذلك. قال: تكلم في أي شيء تعرفه. يريدني أن أتحدث. أعجبتني الفكرة لأنها تشجعني على تعلم الكلام والثقة بالنفس. وجدت صعوبة بالغة جدا. الثقة بنفسي تنقصني. بدأ يساعدني وقال: ما رأيك في كرة القدم وعن فريقك المفضل. قلت له وأنا في خجل شديد: لا أعرف شيئا عن ذلك لأني جاهل بكل شيء حتى بكرة القدم. لم أفلح في هذا الموضوع. قال: تكلم في مجالك الحاسوب. انقبضت أيضا مع أنه مجالي لكن أحس بعدم الرغبة في الكلام فيه لضحالة المعلومات عندي لأني لا أطور نفسي ولا أحس برغبة بتطوير نفسي. كل شيء كان عندي كئيب لا طعم له. ثم شرحت له ما أشعر به ولم لا أستطيع الكلام حتى انتهت الجلسة. أظن عنده الآن معلومات مهمة ولا بد أن يكون استوعب جزءا كبيرا من شخصيتي.
في اليوم التالي تحدثت معه عن مشاكل النطق عندي فقلت له إني لا أجيد ربط الكلمات والكلام يخرج مني بشكل غير سلسل. أعاني من صعوبة في النطق وصوت غير مقبول وحروف مأكولة وكلمات غير مفهومة. يحصل عندي تشتت وخروج عن الواقع إلى واقع مظلم لا صورة فيه. لا أرى غير السواد الأفكار تتبخر فيه. قلت له لما أقرأ سرعان ما تتحول الحروف العربية إلى حروف هيروغليفيه أقرأها لكن لا أفهم شيئا.
في إحدى الجلسات طلب مني أن أدخل بين الناس وأشاركهم الحديث قلت له: لا أستطيع. هذه المهمة الوحيدة التي طلبها مني. حاولت تطبيق هذا الكلام. بدأت بنشوة ثم وجدت صعوبة. قال لي في الجلسة التالية: هل طبقت ما قلته لك؟ قلت له نعم لكن لم أستطع الاستمرار. قال أنا في رمضان كله سأكون في أجازة -وكان الموعد التالي يصادف رمضان-. ثم قال: لكن سأرسل لك أسئلة تقييم لغوي ونطقي وأرسلها إلى الموقع الفلاني ليحدد شخصيتك ثم أرسل لك النتيجة. بالفعل أرسل الأسئلة على إيميلي بتاريخ 18/6/2015. فأرسلت له جوابي نفس اليوم. ثم قال: "سأرد عليك في أقرب فرصة" تأخر كثيرا في الرد حتى تاريخ 2/8/2016 قال:
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد مراجعة اجاباتكم على الاستمارة تبين أن امكانية تعرضكم لأعراض قلة الانتباه مرتفعة. هذا يعني أن مقدرتكم على تقنين القدرات الفكرية كالانتباه والتركيز يشوبه خلل مما يعرضكم للتشتت, عدم المقدرة على المتابعة, الارهاق الذهني وضياع خيط الافكار.
أما بما يخص أثر هذه الاعراض على المقدرة اللغوية والنطق فبمراجعة ما توفر من المصادر العلمية تبين أن هناك نقص أو عدم رصد هذا العرض في اضطراب قلة الانتباه والتركيز. أما بمراجعة تقارير الافراد عن انفسهم عبر المواقع والمنتديات فتبين أن الكثير ممن يعانون نقص الانتباه والتركيز يشتكون من مشاكل لغوية وصعوبات نطق. عدة تقارير فردية ذكرت أعراض مشابهه لما ذكرتم كعدم القدرة على مجاراة الحديث, التشتت, سرعة النطق وأكل الحروف وضياع خيط الافكار عند المحادثة.
ما أنصح به هي التالي:
- مراجعة الطبيب النفسي لتقييم مدى حاجتكم للدواء للتغلب على أعراض قلة الانتباه
- التواصل مع معالج نطق والاتفاق معه/معها على خطة علاج مبنية على الاعراض المحددة
- الاستمرار في التعامل مع أعراض القلق والتمرن على محادثة الاخرين"
بعد العيد استأنفنا وتكلمنا في نتائج التقييم ثم نصحني بمراجعة مختصي النطق. كالعادة لم يعط شيئا جديدا فقط يرمي الكلام. لكنه قهرني أنه في إحدى الجلسات لم يتم الساعة كاملة بل أنهى الجلسة قبل المدة المفترضة بعشر دقائق. كأنه منتظر شخصا آخر ، وأيضا لأن جلساته صارت تكرار ولا شيء جديد يقدمه. كل جلساتهم أصلا على نفس الوتيرة لا جديد نوعا ما. مضيعة للوقت والمال. كأنك تذهب تزور شخصا لتتحدث معه لكن الظريف أنك تعطيه نظير ذلك مبلغا من المال. فكانت آخر جلسة إذ عزمت على التوقف. بعد هذا التهاون في حقي. الساعة يجب أن تتم كاملة. إني أخسر المال وهؤلاء لا يبالون.


اضغط هنا إن كنت ترغب في نموذج الأسئلة التقييم الذي أرسله لي.

الجمعة، 20 نوفمبر 2015

جلسة ‏نفسية ‏مع ‏دكتور ‏(1)

سأتحدث اليوم عن آخر عيادة نفسية ذهبت إليها وهي تبعد عن منزلنا قرابة ساعة ونصف الساعة. كنت أخرج من عملي ظهرا ولا أعود إلى إلا بعد أكثر من ثلاث ساعات.
حصل أن ضاقت بي الدنيا بما رحبت، واجتمعت فيّ أحزانها وهمومها، ما عدت أتحمل، سأنفجر. صادف وأنا في هذه الحالة أن أخبرني أخو زوجتي أنه يتعالج عند طبيبة في عيادتها الخاصة بالتنويم الإيحائي، وقد استفاد منها. شدني هذا النوع من العلاج وقلت أجربه. فقمت بالاتصال بمكتبها لكن دون جدوى، فلا أحد يرد حتى يئست. فقررت أن أبحث عن عيادة أخرى من خلال الشبكة العنكبوتية. استمر البحث أياما حتى عثرت على طبيب له لقاءات تلفزيونية، وله حساب في موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) فيه رقم جواله. اتصلت به وأخبرته بما أعاني فقال: "أنا طبيب أصف الأدوية فقط ولكن يوجد أخصائيون أكفاء في العيادة التي أعمل فيها يمكنهم مساعدتك". فذكر اسمين أو ثلاثة ونصحني بفلانة. اتصلت من فوري بالعيادة وطلبت منهم التحدث إليها وأشرح لها حالتي. بعد فترة تلقيت اتصالا منها، فأخبرتها بالذي أعاني، ثم سألتها إن كانت تعالج بالتنويم الإيحائي، ففاجأتني بأنها لم تسمع بهذا المصطلح بحجة أنها كانت تعيش في أمريكا فترة طويلة جدا ولا تعرف المصطلحات العربية!!!! مع العلم أنها عاشت سنوات في بلادي وقد شغلت مديرة في أحد المسشتفيات الحكومية!!!! على أية حال، طلبت مني أن آتي. فسجلت معها موعدا. وكانت الساعة الواحدة تكلف 163 دولارا. وكانت كل جلساتي مدتها ساعة واحدة فقط. وغالبا ما آتيها في الأسبوع مرتين.
 جاء الموعد. دخلت غرفة العلاج. قلت لها: "سأشرح لك ما أعاني لكن بشرط أن تكوني صادقة معي إن كنت تستطعين علاجي أم لا لأني كذا وكذا" فأخبرتها بكل تجاربي السابقة ومدى ما كنت أعاني. وافقت، فبدأت أخبرها بمشكلتي، وأسرد لها قصتي، وأزيد عما في مدونتي. لكن حين بدأتُ، لم أستطع أن أتمالك نفسي، فأجهشت عندها بالبكاء، من فرط ما قد أصابني، وكرب عظيم إليها جاء بي. فظللت ساكتا برهة، أتنهد وأمسح بأصابع كفي دموعي، حتى تهدأ نفسي ويسكن انفعالي. كانت تحاول تهدئتي، حتى هدأت وأكملت قصتي إلى أن شارف الوقت على الانتهاء ولم يبق شيء عندي لأقوله. "هذه قصتي كلها فهل تستطيعين علاجي أم لا؟". قالت بلهجة الواثق: "نعم. في ثمان جلسات!". فطلبت مني أن أكتب ثلاثة أشياء أحبها في نفسي وثلاثة أشياء أكرهها كواجب للجلسة التالية. توسمت خيرا! إنها بداية العلاج.
جاءت الجلسة الثانية. سألتني عن أحوالي خلال الفترة الفائتة بعد أن أخرجت ما في نفسي في الجلسة الأولى. قلت لها: الأمر سيان!
لم تكن تعرف كيف تبدأ معي الكلام وكأني لم أحدثها بشيء! المفترض أن تكون استوعبت المشكلة، ورسمت للعلاج خطة، وإذا كان في الأمر استشكال، استوضحت مني. لكن هذا يدل على جهلها وجهل أمثالها.
تجاهلت الموقف وتكلمت بأي شيء أتذكره وما هو موقفي وفلسفتي في هذه الحياة. وبينت لها زيادة الحمل علي بعد وجود ولد مسؤول عنه. وأنا أتحدث لم أرها تفعل شيئا حاشا تحريك رأسها، ورمي بعض الكلمات العامة البالية المملة، ومقتضباتٍ أخذتها من بطون الكتب، وأحاديث سطحية تنفع في مجالس النساء! لا شيء يميزها عن غيرها من عامة الناس! كنت أنتظر منها أن تسألني عن الشيء الذي طلبته مني. لكن بدا لي أنها نسيت. هنا أصابني شيء من الإحباط وقلت لها: "كأنك نسيت كذا وكذا" فردت بلهجة المخادع: "لا، لم أنس بل كنت بصدد سؤالك عنه". كنت أشعر في كل جلسة أني شخص جديد عليها، كأني لم أحدثها بشيء. أي استهتار هذا!!
ثلاث جلسات متوالية من الكلام عن نفسي. أما تكفيك جلسة أو حتى جلستين. ألا يوجد لديك شيء مفيد؟ شيء يميزك عن عوام الناس فضلا عن المتعلمين؟؟ أنا لم أر منها شيئا يثبت أنها فعلا متخصصة في مجالها.
في الجلسة الرابعة دخلت فوجدت على طاولتها جهاز. لا أخفيكم كم شعرت براحة. كنت أريد شيئا عمليا بدل الكلام النظري البالي. الجهاز عبارة عن شاشة تظهر فيها عند تشغيله حركة شعاع ضوئي يذهب يمينا ويسارا، وعليّ أن أراقبه وهو يتحرك، وأضع سماعة في أذنَيْ، وأمسك بكفي الأيمن طرف سلك موصول به وآخر بكفي الأيسر، وأتخيل الذكريات السيئة. تزعم هي أن هذا الجهاز يزيل الذكريات السيئة أو تبقى ضعيفة لا تأثير لها عليّ. قلت في نفسي أمري إلى الله أجرب. بدأت وبعد خمس دقائق، سألتني: "هل أحسست بتغيير؟". ألهذه الدرجة هذا الجهاز سريع المفعول؟!! لا أكاد أصدق!!! وتسألني بكل ثقة!!! قلت: "لا". فقالت: "استمر". رجعت للجهاز وأقنعت نفسي بتأثير هذا العلاج. لعل فيه سحرا وأنا لا أعرف! انتهت الجلسة!
في الجلسة الخامسة دخلت وإذا بالجهاز المشؤوم أمامي!! هل سيرافقني هذا الدجل بقية الجلسات؟؟ طلبت مني أن أفعل الشيء ذاته. وافقت. وبعد خمس دقائق سألتني السؤال الأبله: "هل تحس بتغيير؟" قلت: "لا". فسألتها مستنكرا: "هل حقا هذا الجهاز مفيد؟" قالت: "نعم! وهو جهاز مشهور وقد تم تجرب على أشخاص كثر واستفادوا منه". احتد الجدال بيني وبينها حوله. لا أريد هدر وقتي ومالي في هذا الدجل والشعوذة. انفعلت وكادت تبكي وقالت: "إني أحاول مساعدتك وأفعل كل ما بوسعي لعلاجك. وهذا الجهاز مشهور" وصارت تمدح فيه. "لكن يبدو أني لم أوفق في علاجك. لك أن تذهب إلى طبيب آخر". هنا صعقت، صرت أنظر إليها بنظرات الطريد المشرد، وآثار الصدمة بادية علي، رأيت الإحباط من حولي قد أحاط بي حتى كاد يعصرني. "أذهب إلى مركز آخر وأبدأ من نقطة الصفر؟؟!!! حرااااام! لقد جلست معك ثلاث جلسات، وأخذتِ من وقتي ثلاث ساعات غير المسافات الطويلة أشرح لك ما أعاني، ثم وبكل بساطة تقولين اذهب إلى طبيب آخر". قالت: "هذا ما عندي". قلت لها: "هذا الجهاز لا ينفع لأن ما أعاني منه لا يفيده هذا الجهاز. ألا توجد لديكم تقنية غيره؟". قالت: "ماذا تريد؟ أنا لست زوجتك لأطبطب عليك"
صدمتني مرة أخرى! أهذه عبارة تصدر من أخصائي نفسي؟؟؟!!!
بين الأخذ والرد اقتنعت بكلامي لما شرحت لها لم هذا الجهاز لا ينفعني. رجعت أحكي لها أشياء على ما تبقى من الوقت. ثم سألتني: "كيف تشعر الآن؟" قلت: "أحسست براحة نفسية حين أخرجت ما أعاني". صاروا أربع جلسات فقد أفرغت ما بداخلي وضمت إليها الجلسة الخامسة والسادسة. في إحدى هذه الجلسات تتكلم عما يحتاجه ولدي وكيف يجب أن تكون معاملته. وأنا في نفسي أقول: ما دخل ولدي؟ أنا الذي أحتاج للعلاج وليس ولدي. تأكدت الآن أنها فعلا لم تسمع بالتنويم الإيحائي لا بالعربي ولا بالانجليزي.
وأخيرا قالت ويا شؤم ما قالت: "أنا أعرف من يستطيع مساعدتك إنه الدكتور فلان، ويصلح لك، وهو أعلم مني في هذا المجال، أما أنا فمتخصصة في أمر لا أراه يفيدك"
هل ملت مني؟ أم اكتفت بالست جلسات! ما شاء الله ... ما شاء الله !!!!! لقد اكتشفت الدكتورة بعد ست جلسات أن حالتي ليست من اختصاصها!!!
ماذا أفعل! حكم الحاجة! وافقت وأمري إلى المولى عز وجل. قلت لها: لكن لا أريد أن أعيد له قصتي من جديد. قالت: لا تقلق سأشرح له وأفهمه موضوعك وها أنا ذي أرسل له رسالة أفهمه حالتك.

حددنا موعدا معه. وبدأت الجلسة السابعة مع الدكتور فلان ..... تابعونا

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

ليتني ذهبت إلى معالج نفسي، كلا!

منذ فترة كنت أشعر بالندم أني لم أذهب إلى أخصائي نفسي يعالجني، وأقول: "يا ليتني ذهبت مبكرا حتى لا يتفاقم الوضع ويتأزم" فكنت أتحسر على كل سنة لم أتعالج فيها. لكن لحظة! هل أنا أعي ما أقول؟! بدأت أفكر وأسترجع الماضي.
في العقد الثالث بدأت رحلة العلاج. ذهبت إلى أول مستشفى حيث سألتني مساعدة الطبيب بعض الأسئلة قبل الدخول إليه. لم أكن أتحمل أسئلتها ولما سألتني "هل عندك أصدقاء" كدت أبكي لأني شعرت بأن سؤالها سبة ومنقصة في حقي. شعرت بالوحدة القاتلة وتكالب الناس ضدي. ثم بعدها جلست أنتظر الطبيب. دخل ولم يجلس معي سوى خمس دقائق فقط وقال: "أنت فيك كذا وكذا" وصرف لي أدوية وغادر. قمة اللامبالاة. طبعا لم تعجبني هذه الطريقة أبدا، علاوة على أني كنت رافضا فكرة الأدوية تماما لأعراضها الجانبية، وكيف لي أن أستعملها والطبيب نفسه غير مبال أصلا بحالتي.
لم أستمر معه وتوقفت فترة طويلة، ثم قررت الاستئناف لكن لعلاج النطق حيث رأيت باجتهاد مني أنه أساس مشكلتي. دخلت على طبيبة وتفاجأت أنها لا تحسن العربية -أمر يستدعي الضحك أليس كذلك؟- طبعا لم أستفد شيئا.
وبعد فترة طويلة ذهبت إلى طبيب نفسي آخر كانوا يمدحونه في أحد المنتديات وتفاجأت أن وظيفته فقط صرف الأدوية. حولني إلى أخصائية وصرف لي أدوية. هذه المرة أخذتها وأمري إلى الله! ماذا أفعل؟ مضطر! ويا للأسف لم تفدني بشيء، فزاد الجرعة ولم أستفد، صرف لي أخرى ولم أستفد. فلما راجعته قال: "جسمك يقاوم هذه الأدوية". كنت أقطع مسافات طويلة جدا تصل إلى ساعة ونصف الساعة. جلست مع الأخصائية ثلاث جلسات على ما أذكر، كانت فقط تسألني وتكتب ولم أستفد منها شيئا. مضيعة للوقت.
فكرت أن أتجه إلى الرقية الشرعية، فذهبت إلى راق بعيد قرابة ساعة ونصف الساعة. أعطاني قنينة فيها ماء بالزعفران وطلب مني قراءة آية الكرسي بعدد مخصوص في البيت. طبقت ما قاله مدة أسبوع ولم أشعر بتحسن، فراجعته فأعطاني قنينة أخرى وقال زد عدد مرات قراءتك لآية الكرسي أو زد المدة لا أذكر. كنت أتفائل كلما ذهبت إلى أي معالج وأقول في نفسي مؤملا سأتحسن إن شاء الله. وللأسف لا يحصل المراد وأصاب بالإحباط!
كتبت شكواي في أحد منتديات الرقية الشرعية فطلب مني أحد شيوخها بقراءة سورة البقرة يوميا بحيث أضع يدي على صدري، ثم أقرأ سورا أخرى وبعض الأذكار بعدد مخصوص، ثم أستمع إلى الرقية الشرعية التي أخذتها من موقعهم كما طلب. استمررت على ذلك دون فائدة.
ذهبت إلى معالج نفسي له برنامج في التلفزيون لكن هذه المرة على اعتبار أني ضعيف التركيز، كثير السرحان، مشوش الأفكار، وأشياء لا علاقة لها بالرهاب. فكانت أربع جلسات أو أكثر قمت بها واستمعت فيها إلى ذبذبات صوتية يزعم أنها تساعد على حل مشكلة التركيز. ثم نصحني أن أتعالج بالطاقة في ست جلسات عند معالج يعمل معه وذلك لتصفية الذهن على حد زعمه. وافقت فكانت أربع جلسات ولم أكمل. أهذا هو العلاج بالطاقة؟؟ يخترعون المصطلحات الجذابة ليخدعوا البسطاء أمثالنا. كلها كذب ودجل ونصب واحتيال واستخفاف بعقول الناس. أبصم على ذلك. أهلكهم الله.
ذهبت لعلاج النطق مرة أخرى في منطقة بعيدة أيضا قرابة ساعة وقلت للمعالج: "هذه حالتي مع النطق فإن كنت تستطيع على حسب خبرتك فلنبدأ وإلا فأترجاك ألا تجعلني أقطع هذه المسافات الطويلة"، قال: "لا أجزم وسأحاول"، قلت: "على بركة الله". أربع جلسات وتمارين سخيفة.
ذهبت لمعالج نطق آخر ولا فائدة.
ذهبت إلى معالج نفسي لا يتعامل مع الأدوية نصحني به بعض الأخوة في أحد المنتديات ولا فائدة.
وآخر استغل مرضي كان لا يجلس معي سوى خمس دقائق أو عشر ويأخذ مني مبلغا كبيرا. وكان قد ظهر في أحد البرامج التلفزيونية لكنه دجال نصاب محتال.
وآخر جاهل نصاب على اعتبار أنه عالجني بالتنويم الإيحائي. لقد كانت الجلسة قمة المهزلة والاستخفاف ذكرتها في أحد المنتديات. لازلت أتذكره وهو يعاني من الرشح ويقول لي ركز على أي نقطة في ذلك الجدار وأشار بيده ثم بدأ يقول: "أنت الآن في جنة خضراء تسمع خرير الماء وصوت العصافير" وما إلى ذلك، وقد كان يردد هذه العبارات وهو في حالة نعاس وتثاؤب، والزكام لاعب دوره، وأما أنا فكنت أضحك في سري. أهلكه الله ومن على شاكلته يأكلون أموال الناس بالباطل.
حاليا أتعالج في مركز طبي ومنذ أكثر من أربعة أشهر ولعله آخر المطاف. لقد بلغ عدد الجلسات فيه ثلاث عشرة جلسة، ست جلسات مع أخصائية سخيفة ادعت أني سوف أشفى في ثمان جلسات. وفي السادسة قالت يبدو أن حالتك ليست من اختصاصي ثم حولتني إلى أخصائي وصلت معه حتى الآن إلى سبع جلسات دون فائدة. جهال لا يحسنون الصنعة ولا تشخيص الحالة. وأي واحد يمكن أن يفعل مثلهم. لا ميزة ولا تميز.

هنا قلت أخاطب نفسي: "ها أنا قد اجتهدت وبذلت كل ما في وسعي لأتعالج، خسرت المال وقطعت المسافات الطويلة. فلا داعي لتؤنب نفسك. إن الذي يحتاج إلى علاج نفسي بالدرجة الأولى هم هؤلاء النصابون الدجالون المحتالون المخادعون الجهال.

السبت، 18 يوليو 2015

بأية حال عدت يا عيد؟

رغم معاناتي عند استقبال الضيوف يوم العيد واجتهادي لأن أكون أكثر قربا بمحاولة التفاعل معهم حتى رأيت ظاهر القبول منهم إلا أني اكتشفت في الآونة الأخيرة بعد سلسلة من الأحداث والمواقف والتجارب الحية أني مغفل أحمق، وأن ظني لم يكن في محله. أنا شخص مهما تحدثت وتفاعلت فلن أصلح لأن أكون صديقا لأحد، ولن أكون محبوبا أو مرغوبا به، ولن أجد أحدا يؤنس وحشتي، ويهتم بالسؤال عني. أنا حالة شاذة في هذا المجتمع، نكرة، هكذا هو قدري ويبدو أن الأمر فيه قد قضي.
لو كنت وحدي في البيت فلن يزورني منهم أحد، هم لم يأتوا من أجلي بل من أجل إخواني. للأسف لقد كنت أجد نفسي في السابق مرغما على استقبال الضيوف خصوصا لما وجدت بعض إخواني يتقاعسون عن القيام بذلك. نعم هم لم يكونوا يهتموا بالضيوف مثلما كنت أفعل. كنت أشعر أنه من العيب تركهم يطرقون الباب ولا أحد يفتح لهم على ما بي من أعراض الخوف الاجتماعي الواضحة التي أدت إلى تفاقم حالتي. فكلما تقدمت في العمر كلما ازداد قلقي أكثر. بالله عليك أيها الضمير الحي كيف ترى شخصا ظهر الشيب في رأسه ولحيته وصار في الأربعين وسيدخل الخمسين وله أولاد كيف تراه وهو يرتجف حين يسلم على الصغير والكبير، وهو مرتبك جدا، أسير قواهم، مختل التوزان، لا يحسن التصرف، ولا يجيد الحديث؟! إنه بكل بساطة عار!
لما رأيت تقاعس أخواني تساءلت ما هذه الشجاعة التي يملكونها بحيث لا يبالون بالضيوف؟ لم لا أكون مثلهم؟ ألست جديرا بها وأجنب نفسي المتاعب النفسية؟ إذن سأصنع مثلهم ولن أهتم ولن أبالي بأحد. ولم لا؟ وهم لم يأتوا من أجلي، بل لا أخطر على بالهم أصلا، وإذا غبت عنهم لم يسألوا عني، بل هم يفرون مني ولا يتمنون صحبتي!
لقد طفح الكيل عندي، ولم يكن من حل أسهل غير الهروب من جحيم هذا البيت حتى يفارقوه جميعا. فصرت أمنع نفسي من استقبالهم صباحا، ثم بعد العاشرة أخرج من البيت ولا أعود إلا عند صلاة الظهر، ثم بعد صلاة العصر أخرج ولا أعود إلا آخر الليل. صرت أفعل هذا آخر أربعة أعياد إلا أن ذلك كان مرهقا للغاية حيث لم أكن لدي وجهة أقصدها، كالضائع الطريد الشريد الشاذ النكرة ((العار)). مرة أذهب إلى أحد المولات البعيدة جدا لا يعرفني فيه أحد، وقد أمشي بالسيارة قرابة الخمس ساعات حتى يمضي الوقت، وقد أركنها جانبا وأنام. كنت أفتقد عيالي وأفتقد فرحتهم بالعيد وملابسهم الجديدة. كانت زوجتي تتمنى أن أراهم بعد صلاة العصر بالملابس الجديدة التي اشتريناها سوية.
هذا الحال يرضي من بالله عليكم؟؟؟ إنه يرضي إخواني!! عذبوني كل هذه السنين ولا زالوا يعذبونني! لا أحد يسأل عني كل هذه الساعات!! ولا أقصد بالسؤال "أين أنت؟" بل "ما بك؟"، لا أحد يهتم!! سواء كنت محبوسا في البيت أو هاربا منه!!
وللأسف حتى "أين أنت" محذوف من قاموسهم.
هل اقتنع من في رأسه مسكة عقل أني شخص غير مرغوب به؟؟ فأيها الضمير الحي خبرني كيف يهنأ لي العيش في مجتمع أنا نكرة فيه وشاذ غير عابئ بي كل هذه السنين؟! الناس فيه لا تريد إلا أن تأخذ، لا تعرف لمعنى العطاء والتضحية شيئا!! تريد المقابل حتى تتزلف لك. العطاء ليس مالا أو مساعدة مادية يا إخواني. أنا أحتضر نفسيا فأي فائدة من كل هذا؟؟!

قبل العيد الناس تستعد بالملابس الجديدة لهدف عندها معلوم وأما أنا فأشتريها من أجل الطقوس لا أكثر ولا أقل. فإذا كان للناس عيد يفرحون به فلم أهنأ في حياتي كلها بيوم عيد!

المستجدات:
- بتاريخ 11/4/2024 اليوم الثاني لعيد الفطر هل تلاحظون الفرق بين هذا التاريخ وتاريخ المقال في الأعلى التي بالأعلى 9 سنين الأمر كما هو. بدأت أشك في كوني أخاهم ولا حتى صديق لهم ولا حتى زميل عمل. أنا ورقة قمامة لا قيمة لي. محبوس الغرفة لا يسألون وهم يضحكون نبارك له ولو برسالة. فيهم بخل كريه. أكاد أجن والله. أريد أن أهرب من هذا المكان هؤلاء لا يستحقون أن أعيش بينهم بدأت أبغظهم بشدة. أعوذ بالله منهم. ما هذا؟ أهؤلاء بشر؟ هؤلاء لا يتحملون الوحدة ليومين أو ثلاثة كيف لا يشعرون بي. أقسم بالله أنا مصدوم. ايش هذا؟؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل. إني والله مقهووووور. هؤلاء قطعا يريدون محاربتي يريدون هلاكي يريدون تدميري يريدون قتلي يريدوني أجن. انهارت ثقتي بسببهم. الناس كلهم يريدون أن يتهجموا علي ويريدون قتلي. عمي الذي هو سميي الذي سافرت وحضرت عرسه لم يسأل عني. تفوووو عليكم.

الخميس، 18 يونيو 2015

من الذي يقطع الأرحام؟

كنت جالسا مع أخي الأكبر فسألني: "هل حضرت عرس فلانة؟" يظهر أنه نسي! وفلانة هذه هي أصغر أخواتي غير الشقيقة. طبعا أجبته بالنفي. فامتعض وجهه وقال متفلسفا: "علينا أن نجيب دعوة الناس ونجاملهم ونراعي شعورهم". فقلت له وكلي حرقة: "أنا لم أحضر لأني لا أريد الحضور بل أنا أريد أن أحضر ولكني لا أقدر ..." ثم قلت جملا مقتضبة لا أتذكرها تدل على معاناتي، ثم خرجت من مجلسه وأنا أفكر في هذا الحوار! قلت في نفسي: لماذا أنا الذي علي أن أهتم للناس؟ لماذا علي أنا أن أسأل عنهم؟ لماذا هم لا يسألون عني ولا يحترمون قدري؟!
لماذا أنتم كلكم لم تفكروا بي؟ ولم تحترموا مشاعري؟ أما تعرفون حالي؟ كل هذه السنين؟ هل أنتم أغبياء لهذه الدرجة؟ لا أظن! أنتم تعرفون حالتي، وتعرفون أني وحيد منعزل منطو خائف لا يحسن التصرف. أيرضيكم ما أنا فيه؟ أليس أقل ما تستطيعون فعله ناحيتي هو احترامي وإحساسي بأني شخص غير منبوذ؟ ألا تستطيعون حتى السؤال عني والتخفيف من معاناتي؟ ببساطة، أنا إنسان لا قيمة له عندكم، أنا منبوذ حتى منكم.

اعرفوا الآن من قاطع الرحم؟ أنا أم أنتم؟ 

الأحد، 31 مايو 2015

عبدالهادي أنت أفضل من عرفت

عبدالهادي هذا على نفس عمري، كان يسكن قريبا من حارتنا، ويصلي في نفس المسجد الذي نصلي فيه. وبسبب تعرفه على أخي الأكبر تعرف علي وأنا في الثانوية. التقينا في الكلية التي هربت منها مع أنه لم يحصل أن اجتمعنا في مساق من مساقات الجامعة. لقد نصحني بما لم ينصحني به أحد من أخواني وصنع لي أشياء لا أنساها له.
الأولى- نصحني بلبس الغترة والعقال حيث كنت ألبس الطاقية التي تلبس تحت الغترة.
الثانية- ألح علي المشاركة مع طلاب الجامعة لأداء مناسك الحج. وفي أثناء الرحلة في طريقنا إلى الحرم المكي كنا مسرورين وكان يتكلم مع السائق ثم قال لي "لم لا تتكلم وتشاركنا الحديث تكلم قل أي شيء". إنه يحاول أن يساعدني.
الثالثة- كنت قد انقطعت عن المسجد فترة وقد جاء إلى بيتنا ليحضني على الذهاب إلى المسجد.

فجزاك الله خيرا يا عبدالهادي وأحسن إليك، لم أجد أحدا مثلك. بارك الله فيك وحفظك وعيالك ورعاك ووفقك لكل خير.

وبمناسبة ذكره تعرف عليه  زوج أختي الذي يسكن في دولة مجاورة ثم قال لي "إن والده توفي وهو صغير"، ظهر على ملامحي الدهشة، ثم قلت "أحقا؟"، استغرب مني جدا وتساءل مستنكرا "أنت معه سنين ولا تعرف عنه شيئا!".

السبت، 23 مايو 2015

ذكريات سيئة (متجدد)

** أخي الأكبر مني مباشرة (ط) هو أقرب لي منهم بل هو وحده القريب لي. لقد تغير كثيرا ما عاد ذلك القريب. مؤخرا صار يصدمني بتصرفاته. كنت أعمل في البلدية وحصل موقف منه جعلني أقرر عدم مجالستهم جميعا. كنت جالسا معه بحضور أخي (عد) فكان النقاش عن تقديم طلب في البلدية، فقفز (عد) وقال لي: أنت تعمل في البلدية ليش ما تتوسط لنا؟ كنت أكره الجلوس معهم إذا تعلق الموضوع بالبلدية لأني منعزل أصلا ولا أعرف شيئا ولا أجرؤ أبدا أن أسأل أو أقدم طلبا إذا ما طلبوا مني ذلك. كثيرا ما كنت أشعرهم بشكل غير مباشر أن أموري في البلدية على ما يرام حتى لا يشكوا أني جبان ولا أستطيع المواجهة، لدرجة أني ظننت أنهم فعلا لم يشكوا. إلى أن جاء هذا الموقف ودمرني تدميرا حيث سارع أخي (ط) بكلمة بلهجتنا المحلية ويقصد أنه يرثى لحالي. فطار ما كنت أظن وتأكدت أنهم يعرفون كل شيء عني ويتظاهرون أنهم لا يعرفون. فمن بعدها قررت الانعزال عنهم كرامة لي حتى لا يجعلوني أضحوكة ومسخرة. ومثل هذه المواقف تحصل لي كثيرا سأكتب بعضا منها إن شاء الله.

** أيام الجامعة، لما يأتينا ضيوف ونجتمع للأكل على سفرة واحدة كان أخي الأصغر (ح) يؤذيني كثيرا وكان يسخر مني ويقول لي : "وراك ساكت مثل كذا تكلم خليك رجال". ويسمعه أخي (عد) و (عب) وكنت مقهورا منه مغتاظا ولا أستطيع أن أبلع لقمتي من ضيقي منه ولا أستطيع حينها أن أصرخ في وجهه أو أضربه. لكن الجبان لا يستطع أن يسخر مني إلا إن كنت في ذلك الموقف. إخواني يؤذونني ولا أجد أحدا يدافع عني.

** كنت أنزوي وحيدا أثناء الفسحة (وقت الاستراحة)، أسند ظهري على سور المدرسة، خلف الأشجار، حزينا مهموما، أنظر إلى الطلاب كيف كل واحد منهم يمسك بيد صاحبه.

** كنت أختار زيا لحصة الرياضة  محتشما خشنا خوفا من التحرش. كنت لا أرغب باللبس أصلا لولا درجات الفصل وعقاب المدرس. كنت لا ألعب الكرة مع الأولاد، مع أني كنت أريد أن ألعب. لقد حرمت من أشياء أحبها.

** كنت أتغيب عن كل رحلة مدرسية ولا أذكر غير رحلتين أو ثلاث طوال حياتي الدراسية حتى المعارض والمؤتمرات والورش في الجامعة والعمل لا أحضرها مع أني كنت أتمنى ذلك.

** كنت في البيت أتظاهر بالدراسة والاجتهاد لأتحاشى تعليق الزائرين لماذا لا أخرج مثل بقية إخواني فيظنوتني مجتهدا.

** أيام الابتدائية والاعدادية كنت أخرج بعد العصر ألعب مع "عيال الحارة". كنت ألعب الكرة وألعابا أخرى لكن إذا انتهت اللعبة كان كل واحد يأخذ صاحبه يتجولون بين الدكاكين أو يجلسون في ركن من أركان الحارة، وأما أنا فأتحاشاهم وأرجع إلى البيت لأنهم لا يحبون صحبتي. كنت أشعر أني شخص منبوذ نكرة. ما أحد قال لي يوما: تعال نتمشى. فقط يطلبون من إخواني.

** أيام الثانوية كنت حبيس البيت، لم أكن أخرج إلا إلى المسجد أو المدرسة أو الدكان، ظهر في حارتنا شخص من أقارب أحد الجيران. تعرّف على كل أهل الحارة حتى أخواني إلا أنا بحكم العزلة. لما اكتشف أمري صار يعايرني كلما يراني وبصوت عال "يا الحرمة" لأني مثل الحريم جالس في البيت! ما كنت أستطيع أن أرد عليه، لضعفي نفسيا وجسديا ولأني موجوع مهموم منبوذ ، ولا يوجد أحد يردعه أو يدافع عني. ثم بماذا عساي أرد؟ لقد صدق! أنا فعلا مثلما قال، وأي وصف أستحق أن أوصف به غير ما وصف، لا حول لي ولا قوة. سكاكين تطعن في جسدي ولا زالت.

** في الثانوية وفي طابور الصباح كان يقف بجواري جاري وكنا نادرا ما نحضر طابور الصباح ونتأخر لبعد المسافة. ولكن هذه المرة رجع جاري القهقري وتركني وحيدا لا أحد بجانبي لقد جرحني جرحا غائرا. لا أدري لم فعل ذلك فهو كان أقرب الناس لي ومتعاطف معي. شعرت أنه لم يبق لي أحد. هو الشخص الوحيد الذي كان يتعاطف معي. لما تركني وحيدا ووقف بجوار من خلفي أحسست أنه يقول لي: ليس لك غيري وأنت وحيد الآن. هنالك تجسد أمامي كل معاني العزلة والكراهية والنبذ، وتيقنت أني بالفعل شخص منبوذ غير مرغوب فيه. وبعد هذا الموقف المحرج صرت أقف آخر الطابور. جاري نعم كان يتعاطف معي وكان كثيرا ما يتحدث معي لكونه رجل ثرثار عنده شحنات يريد أن يستفرغها. فلعلي كنت من الأشخاص المناسبين له. نعم هو متعاطف ولم يكن صديقا وفرق بين الاثنين. بعد الثانوية هو رسب وأنا تخرجت فانقطعنا.

** أيام الجامعة، كنت أفطر وأتغدى وأتعشى وحدي، أتحاشا الناس. لكن مرات كنت أتغدى وأتعشى مع مجموعة من الشباب بحكم معرفتهم بأخي الأكبر الذي أسكن معه في نفس الغرفة. في أحد الأيام ذهبت إلى مطعم الجامعة وقد صادف هناك وجود بعض هؤلاء الشباب وأخي وصديقه الملازم له. ذهب كل واحد منا لإحضار طعامه. سبقني البعض واختاروا طاولة. تحاشيت الجلوس معهم لشعوري بالنبذ. فاخترت طاولة مجاورة. لحق بهم البقية وجلسوا معهم. كانوا لما يمرون علي يسلمون ويذهبون جميعا للطاولة الأخرى لم يجلس معي أحد. كنت أشعر ساعتها بالوحدة الشديدة والحزن الشديد. جاء أخي سلم عليهم ثم جلس معي في نفس الطاولة فقلت له يمكنك أن تجلس معهم -قلتها والغصة في نفسي من الحزن، ولسان حالي يقول له استمتع معهم فإنك لن تستمع معي- لكنه رمقني بعين غاضبة ساخرة ولسان حاله يقول متهكما هل أنت "عبيط"؟ جلس هو وزميله معي والكدر أخذني كل مأخذ. لذلك كنت أختار أوقاتا لا أجدهم فيها حتى أشعر بالاطمئنان ولو كان قليلا.

** سكنت فترة أنا وأخي في سكن الجامعة. كان يتردد إليه أحد أصحابه وكان طيبا محبوبا حتى معي. مرة قال له وأنا كنت موجودا: "هل تعرف لم فلان وفلان (التوأمان) ما عادا يزورانك؟" قال أخي: "لا" فرد عليه: "لأن أخاك -وسماني- عصبي ويصرخ فيهما" لقد أصابني الحزن ساعتها وبدا لي أني حمل ثقيل على أخي. لم أكن أصرخ كما ادعيا لكن لعل أسلوبي كان مزعجا بالنسبة لهما. أنا كما ذكرت هنا لا أجيد التعامل مع الناس. لا أدري؟ أهو طبع في؟ أم حالة نفسية؟ لقد كنا نتكلم سويا قبل هذه الحادثة وبعدها ولم أر غير الاحترام المتبادل. فما الذي جرى؟ الجواب: هما كغيرهما ممن قابلت على شاكلة ذي الوجهين. أجد الشخص يحترمني في الظاهر ثم أتفاجأ أنه لي كاره.

** في أحد الفصول الجامعية كان يدرس معنا طالب من النوع الهادئ ضخم الجسم قليلا، وجدته منعزلا نوعا ما لا يكلم أحدا، كنت أحب هذه النوعية من الناس وكنت أتمنى مصادقتهم. تكلمنا قليلا وحصل بيننا نوع من الاحترام المتبادل. ثم بعد هذا الفصل انقطع الاتصال به حتى صادف أن تقابلنا مرة أخرى في فصل آخر. اكتشفت أن هذا الطالب المحترم كسول ولا يفهم، وكان يعتمد على طالب آخر لتمشي أموره. كنت أجلس معهم وكنا نشكل فريق عمل. وجدته قد تغير والظن فيه خاب. وفي يوم من أيامي البائسة غاب الطالب المجد والذي يعتمد عليه هذا المحترم، لقد انصدم المسكين وأحس أنه في ورطة. جاء المدرس يشرح لنا التمرين العملي وبعد أن انتهى وتركنا، صرخ في وجهي وقال بصوت متعجرف متعال "افهم شو قال المدرس لا تهز بس راسك". هنا وفي عالم ما وجدت فيه خليلا ولا نصيرا ولا مواسيا ولا مؤنسا بل كرها ونبذا وعيشا في خوف وهلع وعدم أمان ماذا عساي أن أفعل سوى الخنوع والانكسار؟ لماذا الناس تكرهني؟ أعيب في؟ أم عيب في الناس؟ ومن بعدها تركت المجموعة وجلست في الخلف وحدي. هربت من هذا التخصص تخصص الهندسة الكهربائية لكثرة المجموعات والمشاركات الجماعية وتقديم المشاريع أمام الطلاب فذهبت إلى كلية علوم الحاسب الآلي، كانت أهون بكثير. وجدت أناس طيبون ومع ذلك ظللت منعزلا.

إن المواقف المحرجة التي تسيء إلي يفهمها الآخرون بطريقة سلبية علاوة على ما فيّ من عيب التواصل مع الناس. هم يبتعدون عني أكثر وأكثر عندما يرون من جبني وخنوعي وهواني. للأسف لم أجد أحدا في هذا العالم من يحن علي، وينظر إلي، ويحاول أن يفهمني، ولم أجد الشخص المناسب الذي يمكن أن يمد إلي يد العون حين أصف له الكدر المكبوت في نفسي وأبوح له بما يجول في سري. لكن مؤخرا تجرأت وشكوت إلى أخي الأكبر ثم أختي التوأم فما وجدت غير اللامبالاة والجهل المركب. لقد شكوت إلى أخي الأكبر وأنا على رأس عملي بعد أن تخرجت من الجامعة أني لم أعد أحتمل العمل وأريد أن أستقيل، فذكرت له بعض الأسباب التي كانت تدفعني إلى ذلك. كان يهز رأسه متفهما ما أقول، لكنه لم يفعل لي شيئا بل ظهر لاحقا من مواقف حصلت لي معه كأني لم أشكو إليه أبدا. ثم شكوت إلى أختي التوأم بعض ما أعاني بسبب موقف حصل -لعلي أذكره لاحقا إن شاء الله- ونفس التفاعل هز الرأس وإظهار العطف ثم انتهى الأمر كأن لم يكن. فحسبي الله ونعم الوكيل.

** كان ولد عمي (علي) الصغير يحترمني ويقدرني فترة من الزمن بخلاف إخوانه ثم تغير لما كبر قليلا. في عرس أخي الصغير (عد) أحضر آلة التصوير يريد أن يصور، فقال أبوه "صور هنا" وأشار ناحيتي. فرد عليه صاعقا لي "لا أريد تشويه ألبومي"! فسبحان الله كان يحترمني ويقدرني! فيا للزمن! صدمت كالعادة وأبوه الذي قد أكون ذكرت قصته معي واقف لا يحرك ساكنا فقط تمتم ثم سكت. المفترض بعمي هذا أن يتعاطف معي لكنه منحط ورّث ابنه انحطاطه. وذكرت قصته تحت عنوان "الصفعات المؤلمة"

نعم .. كما قلت إن المواقف المحرجة، وخوفي وهلعي من الناس وانعزالي، وجهلي بأسلوب الناس والحياة، وعدم وجود من أشد الظهر به، كل ذلك يزيح من تحتي بساط الاحترام والتقدير، ويضعف شخصيتي ومكانتي أمام الناس. لكن بدل أن تجد من يأخذ بيديك إذا بالكل يقلب الموقف عليك. هل أرد عليه أو على هذا أو ذاك؟؟؟ أرد على من؟؟؟ لا أجد في هذا العالم من أشد الظهر به؟؟؟ لا أجد في هذا العالم من أحس أنه معي؟؟؟ الكل تخلى عني!

** في أحد الليالي بعد صلاة المغرب أو العشاء دق جرس البيت أحد الجيران الذي هو في سن أكبر من أخي الأكبر واسمه محمد. كان لطيفا كثير المزاح يحب الحياة الاجتماعية. ردت عليه أختي التوأم "من تريد؟" فسمى أخي الأكبر، فردت عليه "غير موجود"، ثم سمى أخي الذي يليه، فردت عليه بنفس الجواب، ثم على طريقة التسلسل المفترض أن يذكرني حيث لم أكن مجهولا لديه لكنه لم يفعل بل سمى من يصغرني مباشرة، فردت عليه بنفس الجواب، ثم سمى الذي يليه ثم الذي يليه، وترد عليه أختي بنفس الجواب. هنا غادر المكان. جاءت أختي تضحك وتقول "ذكر كل أخواني إلا أنت" ثم نشرته من باب حسن النية والمزاح البريء، وما درت أنها كانت تطعن في جسدي وتزيد من ألمي.

** عملت في جهة حكومية ولم يكن أملك الهاتف المتحرك (الجوال) هذا قبل أن أتزوج، وكان الموظفون يستغربون ولعلهم يسخرون. كنت أتحجج بأني لا أريد أهلي يزعجوني بطلباتهم. لكن الصدمة كانت لما سألتني بنت أخي الأكبر بكل براءة "لماذا لا تملك جوالا كبقية إخواني حتى الأصغر مني؟" فقالت لي أختها: "أنت ما عندك أصدقاء". أخواني يعرفون أني وحيد! لكن لسان حالهم يقول: "طز"!

** ذهبت بعد سنة من عملي أريد أن أبدأ العلاج وكلي أمل. سألتني مساعدة الدكتور في المستشفى بعد عدد من الأسئلة هل عندك أصدقاء؟ هنا لم أتمالك نفسي أحسست بأني أتحطم، الصداقة عندي شيء جميل أفتقده، وفقدي له معناه أني نكرة غير مرغوب فيه، لقد طعنتني طعنة لم أستطع بعدها أن أكمل.

** أيام الجامعة ركبت مع أخي الأكبر سيارته وكانت زوجته في الخلف فوقف أمام مطعم فسألني: ماذا تريد؟ فقلت له: أي شيء -لا أعرف شيئا عن المطاعم وأخشى أنا أطلب شيئا مضحكا لأن ثقتي بنفسي مهزوزة وكل شيء أنا أدنى منه- كأن أخي لم يعجبه ذلك لاحظت منه الازدراء فقال: ماذا تريد طيب؟ كأنه يقول ما تعرف شيء ما عندك شخصية؟ قلت له: أي شيء. قال: قل مثل شو؟ لماذا تحرجني أمام زوجتك؟ اطلب لي أي شيء، قل لي يوجد كذا وكذا. فقلت له كذا. وذكرت شيئا لا يطلب من السوق كله من باب التحدي لكونه يصر على سؤاله. فضحكت زوجته علي ولا أتذكر ماذا رد علي إلا أنه في النهاية اختار لي. هذه القصة ما تذكرتها الا لما كنت غارقا في الاستغفار حيث أدخلني في عالم الذكريات السيئة. وتذكرت أيضا لما كنت في مرحلة مبكرة أني حاولت إيقاظ أخي هذا لصلاة العصر برجلي أهز رأسه فقام غاضبا كأنه شيطان رجيم فضربني بعنف جعلني أخاف منه. هذا الأخ أكرهه كثيرا ولا أحب مجالسته لأنه بليد في الأحاسيس لا يقدرني ولا يشعر بي وهو من أسباب تعاستي. وهو اليوم مرت عليه سنين وأنا منقطع منعزل لا يسأل عني ولا يهنئني في المناسبات ولا يسلم علي ونحن نعيش في بيت واحد. فقط إذا رآني مصادفة يبتسم ويسلم. لا يراني إلا مرتين أ ثلاثة في السنة تخيلوا!!

أريد أن أتذكر شيئا جميلا في حياتي

نعم أريد أن أتذكر شيئا جميلا في حياتي! كلما أحاول أن أرجع إلى الماضي لا أجد أمامي غير المنغصات!
الهم والغم، الحزن والبكاء، الخوف والهلع، الغيظ والقهر، الاستهزاء والسخرية، التحرش والقرف، الوحدة والعزلة، الكراهية والسخط. حتي يومي هذا، حياتي في كل ساعة تشحن بالمنغصات والكدر لا يتوقف. كلما أتذكر شيئا من الماضي يأتيني اكتئاب وحزن. حياتي تدمرت، تاريخي أسود.
ما يسألني أحد عن أي شيء أذكره في الماضي إلا وأتوتر ويتغير وجهي. ما عندي شيء يستحق أن أذكره، حاولت أبحث وأفتش لكن في كل مرة أتذكر المواقف السيئة فأشيح بوجهي عنها وأعيد المحاولة والبحث -لا فائدة- موقف سيء آخر يظهر أمامي.
لا أزعم أني ما كنت أضحك أو أفرح أو أمرح في حياتي،  كما لا أزعم أني ما صادفت مواقف جميلة حدثت معي، لكن كل ذلك ليس شيء منه يستحق أن يذكر ولا أعتز بذكره لأنها مواقف عادية جدا ومحاطة بجيش من المنغصات والأحزان.

كلما أرى صورتي وأنا طفل في الثانية من العمر أقول أي قدر حظيت به والحمد لله على كل حال.

الجمعة، 22 مايو 2015

دائما يخطّئوني

ما كنت أطيق أخي الذي يصغرني بسنتين. لم أكن أحبه ولم يكن يحبني. كان أسلوبه معي فيه علامات السخرية والتعالي وعدم الاحترام، سريع الغضب حتى على أتفه الأشياء، سيء الطبع معي يثير غضبي. كنت أستغرب كيف له أصدقاء مع طبعه هذا! فسبحان الذي قسم!
كثيرا ما كنا نتشاجر ونشتبك بالأيدي لكن للأسف وكل الأسف كانت أخواتي اللواتي يكبرنني وهن في الحقيقة ثنتان قد كانا يدافعان عنه دائما ويخطّئاني. ولما أدافع عن نفسي لا يسمعون لي ويتجاهلوني ويقولون كف عن الثرثرة! فيزداد حقدي عليهما. فحسبي الله عليكما يا مجرمين! أي قلب قاس تملكانه؟ هل تدافعان عمن لديه الأصدقاء وتنبذاني أنا المسكين الطريد المنبوذ في كل مكان؟ هل أنا صاحب مشاكل فتتفقان علي! ألست أنا أخوكما أيضا؟ كنت أتمنى أن أجد حضنا يحتويني وبسمة تعطيني الأمل وصداقة في البيت فقدتها في الخارج. لا داخل البيت محترم ولا خارجه محترم. أنا مهان منبوذ في كل مكان. لكن لا شك أنكما لا تعرفان طعم الأخوة ولا طعم الشفقة ولا طعم الرحمة ولا تنظران لي ولحالي وما يفعل بي. لم أجد طعم الأمان والراحة النفسية داخل البيت ولا خارج البيت. كنت وما زلت أعيش في خوف وهلع من الناس حتى من أخواني. إن كل ما تهتمون به هو أنانيتكم فحسب.
أتذكر مرة وأنا في الإعدادية أني قد التزمت الاعتكاف في غرفة للعبادة حتى ظهر علي ذلك. لقد لجأت إلى ذلك لأني ما وجدت للحياة طعما ولا شيئا يشغل وقتي غير ذلك. وفي أحد الأيام خرجت من معتكفي وذهبت فوجدت أخواني يلعبون "الأتاري" أو "الفاميلي" (جهاز ألعاب الفيديو القديم) جاء دوري ولعبت ثم دارت الدورة فجاء دوري لكن أخي الأصغر ظن أن الدور له، فبين الأخذ والرد صار شجار، فأخذت مني هذه الأخت (خ) وقالت ليس دورك! ثم قالت كلمة صعقتني صعقا حتى لكأني سقطت من السماء. لقد قالت بلغة المتهكم الساخر: "روح صلي أحسن لك" يعني روح انعزل وخليك زاهد في الدنيا أحسن لنا ولك! فأي انحطاط وعفانة هذه! أيتها المجرمة أتؤلبين أخواني الصغار علي؟!! أما كان لك أن تعطيني شيئا من الهيبة أمامهم! حتى اعتكافي وتعبدي لم يشفعان لي عندهم ولم يردان لي الهيبة والوقار.
كانوا يتهمونني بسرعة الغضب وأن أخي هذا بريء من ذلك. مرت السنوات بدأت أقلل من الكلام في الدفاع عن نفسي فقد أصابني الإحباط والملل ولم أجد لذلك من فائدة لأنهم في النهاية سيسخرون مني ويرمونني بالثرثرة. حدث شجار بيني وبينه واتهمني كالعادة بأني أنا من يغضب بسرعة حتى على أتفه الأشياء- قلت له مبتسما "اسمع أنت! سنقوم بعمل اتفاق بدءا من الآن ونرى من هو سريع الغضب أنا أم أنت"، فوافق. مرت أيام قليلة، وحدث أمر، فغضب وزمجر على شيء تافه، فقلت له مبتسما "أرأيت الآن من هو سريع الغضب"، فاستشاط غيظا. هكذا هو كان وهكذا أنا كنت مظلوم منبوذ. على الأقل اطلبوا منه احترامي والتزام الأدب معي امنحوني هيبة عندهم! لا .. إنما أنا علي أن أحترم الكبير وأعطف على الصغير، أما هو فلا توجه له تلك النصيحة إذا كنت أنا طرفا.
وللأمانة موقف واحد فقط في حياتي كلها دافعت عني هذه المجرمة وخطأت أخي المذكور. لقد شعرت بدفاعها ينزل علي بردا وسلاما، كان شعورا لا يوصف، شعور المعذب في النار حين يسقط عليه الماء البارد. فيا ليتها كانت تفعل ذلك من قبل فقد كنت أحوج الناس إلى من يشعرني بالأمان ويعطيني الحنان. لكن للأسف كانت المرة الأولى والأخيرة.
 

السبت، 2 مايو 2015

التحرش الجسدي

في المدرسة:

كان في الصف الثالث ابتدائي ولد يدعى خالد وأظنه كان أكبر مني بسنة وكان مشاغبا ولا يخاف المدرسين. وكان يتحرش بي ويجلسني في حضنه ويؤذيني ولا يتركني لشأني حتى أثناء الحصة أمام معلمنا الذي كان يشاع عنه أنه متشدد وعصبي.

ومع أني كنت مجتهدا وذكيا إلا أن ذلك لم يكن يجعل هؤلاء الذين يقول عنهم الشاعر:

قف للمعلم وفه التبجيلا .... كاد المعلم أن يكون رسولا
 
لم يكن يجعل هؤلاء يدافعون عني ويساعدوني ويحموني في بيئة هم المسؤولون فيها عنا. فأي ظلم هذا؟!

أذكر مرة أن هذا الطالب رمى قلمي من على طاولتي أثناء الحصة التي يدرس فيها هذا المدرس الملتحي الذي يظن فيه الهيبة والوقار والخير والفضل. فشكوته إليه. فرد علي قائلا "خذ أنت القلم". قلت له وقد طفح عندي الكيل: "لن أفعل، هو الذي رماه وهو الذي يجب عليه أن يرجعه". فرمقني بعين غاضبة وأمرني باخذ القلم.

أصبت بصدمة أثرت في نفسي كثيرا وأنا الطفل البريء المسكين المغلوب على أمره الشاطر والمجد والمجتهد! هكذا يفعل بي!!!
إذا لم تجد أحدا تحتمي به من ظلم الظالمين، لا بل يتجاهلك وهو المسؤول عنك، والملزم بحمايتك، وأنت الضعيف الهزيل المغلوب على أمرك، أي صفة سوف تكتسب؟ وأي صفة جيدة منك سوف تسلب؟

إن التحرش الجسدي كان عمل تلك البيئة العفنة التي عشت فيها وقد كنت نحيفا ضعيف البنية لا أستطيع أن أدافع عن نفسي.

في الإعدادية ابتليت بولدين من صفوف أخرى يتحرشون بي ويؤذوني. وثالث كان يدعى فهد بدين قليلا كان يطاردني في الفسحة.

في المدرسة ما عدت أشعر بالأمان ولا الراحة النفسية وانتهى بي الأمر إلى العزلة والتقوقع ثم الجنون والهبل، نعم، كنت أصطنع شخصا أتحدث إليه أو تعارك معه! مرة أجعله واقفا أمامي ومرة بعيدا عني ومرة لا هذا ولا ذاك بل أتحدث مع نفسي وأظهر حركات في وجهي وأهز رأسي كأني أخاطب شخصا أمامي. أذكر مرة كنت أظهر حركات غبية على وجهي وفمي متأثرا بحركات عادل إمام في مسرحية "شاهد ما شفش حاجة" وذلك في ساحة المدرسة في الفسحة أمام الناس، كنت أفعل ذلك ليعجب بي أحد الطلاب لأني كنت معجبا به وأتمنى أن يبادرني نفس الشعور. بل ربما أفعل ذلك ليعجب بي أي أحد ومن ثم يتعرف علي! كانت حركات غبية جدا. أنا انصدمت لما تذكرت هذه القصة لقد تذكرت كيف كنت أمشي وحيدا معتوها في ساحة المدرسة. وكيف كنت أرى كل واحد يمسك بيد صاحبه! عندما تنتهي الفسحة وأرجع إلى الطابور أرى طلاب صفي متجمعين لا أعرف أين ذهب كل واحد منهم.
أذكر أيضا أني لما نزلت من الحافلة متجها إلى البيت رأيت بنات الجيران في طريقهن إلى بيوتهن، فأحببت أن أستعرض لهن قوتي الكاذبة فاخترعت شخصا وهميا واقفا خلف بيتنا بحيث أشعر نفسي أن البنات لم ينتبهن له وقد كان يريد فعل شيء غير سوي فاتجهت إليه مسرعا إليه راميا بحقيبتي المدرسية وقد خلعت حذائي متخيلا نفسي ستيف اوستن -لأنني كنت معجبا ومتأثرا به فأنا سريع التأثر بالآخرين- فأمسكت به وتكلمت معه وقلت له لا تعيدها مرة أخرى فلا حول ولا قوة إلا بالله!
إنني فعلا حزين عندما أتذكر هذه الأحداث! وأشفق على نفسي ساعتها أي حال كنت فيه!

في البقالة:
كان الباعة في جميع البقالات من الهنود وقد اختار والدي رحمه الله تعالى واحدة من هذه البقالات نشتري منها على الديْن وكانت تبعد عن المنزل قرابة كيلو متر. وكنت أذهب مرات ماشيا لأشتري الأغراض في المرحلة الإعدادية والثانوية لم يكن في البيت سيارة. كنت في المرات الأولى أذهب مع أخي الذي يكبرني سنتين. وكنت أختبئ  في ركن من أركانه في مكان ضيق تاركا أخي يشتري الأشياء. وظل الحال هكذا، اقترب مني أحد الهنود ويدعى مصطفى وتحدث إلي ما اسمك ومن هذه الأسئلة وأنا آثار الخوف والخجل على وجهي البريء والابتسامة الساخرة الخبيثة على وجهه المغبر. وتمر الأيام وأنا على هذا الحال. ثم صرت أذهب إلى البقالة لوحدي، ثم صار الهندي يقترب مني ويلمس ذراعي وظهري ويحاول أن يلتصق بي. وفي أيام أخرى يتجمع اثنان وثلاثة آخرون يتحدثون إلي ويتقدمهم مصطفى ثم يتكلم معهم بلغتهم ويضحكون كأنهم يسخرون مني وأنا خائف!
أنا كنت أدخل هذه البقالة ومعي الورقة مكتوب فيها المشتريات ثم أتجه فورا إلى ذلك المكان كأني أبحث عن شيء هناك وفي الحقيقة كنت أريد أن أقبع هناك فحسب. ثم يأتي واحد منهم ويسألني ماذا تريد فأقول أريد كذا وكذا حتى يحضر جميع الأشياء.
كبرت فحاولت أن أخرج من تلك البقعة شيئا فشيئا حتى نجحت فصرت أبحث عن الأشياء لوحدي أو أسألهم إن لم أجد.
جاء مساعد جديد وكان يتحرش بي أيضا ولم أستطع أن أفعل له شيئا. ثم كبرت قليلا فحاولت أن ألقنه درسا فسحبت حذائي وضربته به فغضب ورمى حذائي في الخارج فخفت لأني ظننته سيرتعد ويخاف مني لكن لم يحصل ذلك فأحرجت وخفت أكثر.
اختفى مصطفى بعدها بسنوات ولا زلت أشتري من هذه البقالة فترات طويلة جدا سنوات ثم ظهر فجأة وقد شاخ قليلا فقالوا لي هل تعرف هذا؟ ساخرين! قلت نعم بلكنة الخائف المذعور. اكتشفت بعد فترة أنه يعمل في بقالة قريبة عندما دخلتها صدفة فلما رأيته أصابني خوف لكن تمالكت نفسي ووضعت ما أريد وسألته عن السعر ولم أزد. حتى هذه اللحظة أخاف الدخول إلى هذه البقالة.

في المسجد:
دخلت المسجد بعد خروج جميع المصلين منه لأعطي المؤذن ويدعى سالم وهو هندي أيضا فسلمت عليه وأخذ يدي وقبلها.

في الحارة:
كان ولد أصغر عني بسنة بدينا نوع ما قليلا ما يتحرش بي وبآخرين.

في الحديقة:
أخذت إخواني الثلاثة الأصغر مني سنا إلى الحديقة القريبة من المنزل. وتركتهم يلعبون ولعبت فصعدت الزحليقة فجاء واحد فوضعني في حضنه وتزحلق. زاد خجلي فقررت أن أرجع. حتى هذه اللحظة كل ما أمر هناك أتذكر هذه الحادثة وأعتصر ألما!

الصفعات المؤلمة

أول صفعة على وجهي أتذكرها الصفعة المدوية من معلمة الرياضيات وأنا كنت في الصف الأول الابتدائي والسبب أني كتبت الخمسات على شكل دوائر غير مكتملة بحكم الاستعجال ومسابقة الطلبة الآخرين. أتذكر شكل الصف وكيف كان الطلاب حولها يطلبون تصحيحها فدخلت عليها وأعطيتها دفتري فصرخت وصفعتني.

والصفعة الثانية لا أذكر في أي صف كنت لكن بعد الصف الرابع وقد بدأت أعيش الوحدة والعزلة والخوف. كنا نضع الحقائب صفا على الرصيف لننتظم إذا جاءت الحافلة. كنت أنا وأحد الأولاد نتعارك من جاء قبل الثاني فجاء والده ونظر وسمع ثم صفعني. من الغرائب أن هذا الرجل جارنا وأعرفه وأعرف أولاده وواحد منهم في صفي وأكن له ولأولاده كل تقدير واحترام لأنهم حقيقة محترمون. لكن الذكريات المؤلمة تبقى ولها أثر علي.

والصفعة الثالثة من أحد أعمامي اسمه عبدالرحمن كان هو وأخي الأكبر يمارسان التمارين الرياضية في المنزل. فضربته بيدي على مؤخرته مازحا وإذ بصفعة منه على وجهي سببت لي خوف ورعب منه. بعدها لم أتجرأ مجالسته، وإذا اضطررت سلمت خائفا وهربت. ظل الأمر على هذا الحال سنين طويلة لأنه يأتينا على فترات متقطعة جدا. كانت أختي توأمي تضحك معه ويضحك معها ويتمازحون هي وبقية أخواني وأسمع ذلك فكنت وأنا مهموم حزين خائف أستغرب كيف يحصل هكذا أمر وهو إنسان شرير قاسي لا يرحم.

لعل ما حصل لي أمر يحصل للكثيرين ولم يكونوا يتأثرون به. لكني للأسف قد تأثرت به بحكم أني حساس وخجول. الناس ليسوا سواسية. أمر لا تتأثر به ليس بالضرورة لا يتأثر به غيرك. هذا واقع قد حصل وصنع جرحا ما اندمل.

النضوج العقلي

كنت في الصف الثالث الابتدائي طفلا سعيدا مرحا إلا أن ذلك لم يدم طويلا للأسف. لقد وجدت نفسي طفلا بين أطفال أكثر مني نضجا وأوسع إدراكا وأقوى شخصية وأكثر تفاعلا مع الواقع وأبعد من كونهم أطفالا.
أتذكر كنت ألعب معهم لعبة التخفي. وكنت أقوم بخدع ذكية وأختبئ بطريقة سريعة مفعمة بالنشاط والحيوية لكني أحسست بعد ذلك أنهم لا يتحمسون لهذه اللعبة أو أني متحمس لها أكثر من اللازم!
سنة بعد سنة أرى الأطفال يزدادون نضجا وأنا كما أنا عقلي منغلق لا ينمو بل على العكس صحتي النفسية تتدهور وحالتي تزداد سوءا وشخصيتي تضعف حتى صرت مثل الأبله أمشي وحيدا في ساحة المدرسة  أقوم بتغيير تعابير وجهي لألفت نظر من أريد أن يصادقني لعل ذلك يشده إليه. لم يعد أحد يطيق صحبتي!
من الأشياء التي أتذكرها في هذا الشـأن أننا لما ذهبنا في رحلة إلى مكتبة ونحن في مرحلة متقدمة لا أذكر هل في الخامسة أم السادسة أو في الإعدادية لم أعرف ماذا أشتري؟ فاشتريت قصص توم وجيري ولعل المبلغ الزهيد الذي في يدي شجعني على ذلك. لكن حقيقة لم يستهويني شيء في المكتبة. رجعى إلى المدرسة فطلب منا المدرس أن نعرض له ماذا اشترينا. فتقدمت بما اشتريت وكنت أشعر أني طالب شاطر فنظر بنظرة. وأنا أنظر فيما يعرضه الطلاب لعل أحدا مثلي وأرتاح. تقدم طالب واسمه ياسر وعرض إليه كتابا علميا وكان مثل غيره شجاعا وجريئا فأحسست بخجل شديد. وتقدم آخر مثل حالتي تقريبا لكن كنت أنا أسوؤهم.

أصابني اكتئاب حاد وشعور بالوحدة قاتل وخوف وقلق من هذا العالم الوحش الكاسر الذي لا يرحم. لم أشعر بالغربة لأن الغريب لا يعرف الناس ولا يعرفونه، أما أنا فالناس تعرفني وتتعرض لي إما بالسخرية والاستهزاء أو بالتحرش الجسدي أو بالضرب والتعدي أو بتجاهل شخصيتي أو بالدعس على كرامتي.

هذه مواقف أتعرض لها ولا يعني أنني لا أتعرض لمواقف أخرى طيبة أو عادية. الأمر لا يخلو. لكن المواقف السيئة طافحة على السطح وآلامها ما زلت أتجرع مرراتها ورائحتها النتنة ما برحت أنفي.

الجمعة، 1 مايو 2015

نبذة سريعة عني!

جامعي حاصل على شهادة البكالوريوس، كنت في تخصص مهم سنتين لكن ظروفي البائسة التي من أجلها أنشأت هذه المدونة لم تسمح لي بالاستمرار فيها فانتقلت إلى تخصص أدنى. أعمل في جهة حكومية منذ عام 2000.

ولدت في 1975، بين سبعة ذكور وأربع إناث أنا أوسطهم. متزوج في 2003 وعندي الآن ولد وبنتان.

تعاستي بدأت تظهر بعد دخولي مدرسة جديدة سنة ثالثة ابتدائي في قرية بدوية صحراوية بعدما كنا في مدينة ساحلية متحضرة.

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

بداية ...

أبتدئ بسم الله ..

ثم وبدون مقدمات ...

طفح الكيل ... ولم يبق من العمر شيء ... هذه مدونتي أبث فيها كل ما أتذكره في حياتي البائسة وما يحدث في ما تبقى منها وأيضا ما يجول في خاطري وما يثور غضبي وأي شيء أحب أن يظهر هنا.

ثم أكتب في وصيتي في نهاية عمري ... هذه مدونتي اقرأوها وانظروا ما صنعتم بي ... هذه مدونتي وعاء سخطي من هذا العالم المجرم.